Kurdî  ■  كوردی  ■  عربي
FRI, 9 MAY 2025 11:52 Erbil, GMT +3
الحزب الديمقراطي الكوردستاني
الحرية  .  الديمقراطية  .  العدالة
 

مَن يُصلح الملح إذا فسِد؟
| KDP.info


كفاح محمود

   لا تكاد جلسة أو سهرة أو لقاء يخلو من حديث عن الفساد والإفساد، فأينما وليت وجهك في وسائل النقل أو المقاهي والمناسبات وفي الصحف والمجلات ووسائل الإعلام المختلفة، حيث امتلأت بالدراسات والبحوث عن ظاهرة ظنّ البعض إنها ولدت للتو، بل ونسي الكثير بأننا في بلاد يزدحم فيها القيل والقال وكثرة السؤال، وتعج فيها أشكال وألوان من الفساد المتراكم ليس اليوم بل عبر حقب التاريخ وغيومه المدلهمة ككتل الليل الظلماء، كما أن هذا المطر الملوث بالسحت الحرام لم يهطل في هذا الشتاء فقط، ولم تلد الفضيلة اليوم كي تعادي الرذيلة بشكلها المزركش والمعاصر، إنه صراع محتدم بين الأخلاق العليا والأخلاق الدنيا، بين عزة النفس ودناءتها، وأكوام من التربية الفاسدة وحقب من الحكم الأعرج، وأكداس من الموروثات التي تبيح المال العام وتستسهل الاغتناء دون القيم والنبل؟

   منذ البدء كان الفساد إنسانياً يبدأ في البيت والمدرسة وينتهي في دوائر الحكومة من القاعدة حتى الهرم ولا ينتهي في دهاليز السجون وغرف الإعدام، لأنه في الأساس إنتاج تربية منحرفة مذمومة رغم كل ما يحيط بها من زركشة وتجميل وإغراء في السلطة والمال والنساء، فهي أساس النخر في أبدان الدول والكيانات كما هي علة النفس والروح حينما يسقط الإنسان عن مجموعة ما فطر الله به خلقه من عزة في النفس وطهارة في القلب واليد.

   هذا الزمن القاتم ينتج سيلا من الأسئلة المرة عن الفساد والافساد في دول ورثت أقدم حضارات الانسان، لكنها عجزت من أن تضع لها قانونا يحترمه الجميع ويؤمن به ويطبقه، عجزت عن مسائلة أي موظف مسؤول أو وزير أو حاكم يتقاضى معاشاً لا يتوافق إطلاقاً مع حجم قصره أو عمارته أو عدد سياراته ونفقاته وغنائه الفاحش خلال سنوات قليلة جداً ولا يُسأل عنها أو يُحاسَب؟   عجزت عن محاسبة كيفية تحول الوزارات الى ممالك وإمارات أما للأشخاص وعوائلهم وعشائرهم وأما للأحزاب دونما الوطن والشعب، حيث يتصرف المسؤول وزيراً كان أو نزولاً لأصغر مدير، كأمير أو مالك لتلك الوزارة أو الدائرة متنمراً ومشعراً المواطن بأنه ذي فضل عليه أو أنه أعلى شأناً منه علماً بأنه ما تمّ توظيفه إلا لخدمة هذا المواطن؟

   في طوفان الفساد هذا وفي لحظة من صحوة الضمير وفي الانتشاء قال أحد كبار الفاسدين، لقد سرقتُ وأنا تلميذٌ صغير طباشير من الصف، ثم ذات سنة وأنا ما زلت دون الثانية عشرة من عمري سرقت مدفأة نفطية من مدرستي يوم الجمعة وأخذتها للبيت، رحبت بي أمي وشعرتُ بأنها سعيدة جداً، لم تسألني من أين أتيت بها ولم يسأل والدي عن مصدرها حينما عاد إلى البيت، أحسست بأن الأمر عادي وقد أسعدتهما بذلك!

وفي سقوط نظام الرئيس صدام حسين تجلى هذا الانحراف الجماعي بشكل واضح وامام مرأى الجميع، وفي خضم عمليات السلب والنهب العلني شاهدتُ أحد الموظفين الذي كان يؤم المصلين أحياناً بغياب الإمام، قد ملأ سيارته البيك آب بمقتنيات من أحد المعسكرات القريبة من بيته قلت له ما هذا يا رجل: أجابني وهو فرح بأنها غنائم(!) وهنا الالاف ان لم يكونوا مئات الالاف فعلوها في أنفالات* كوردستان وغزوة الكويت وقبلها فرهود اليهود وأخيرا فرهود العراق!

   لم تأت هذه السلوكيات من فراغ بل جاءت كناتج متراكم لمنظومة تربوية اجتماعية متوارثة عبر الأجيال، لا ترى السرقة عملاً دنيئاً ولا الاختلاس أو نهب المال العام جريمة مخلة بالشرف، وتدرك شعوب منطقتنا إن معظم عمليات النهب والسلب التي جرت في تاريخ بلدانهم منذ الغزوات وحتى اليوم، نتيجة لتلك الموروثات المتأصلة إلا من رحم ربي، حتى أن فاعلها لصاً كان أو فاسداً أو مرتشياً أو مختلساً كان يعتبر إنساناً شجاعاً يتباهى بلصوصيته كما يتباهى اليوم فاسدو الدولة بما جمعوه من سحت حرام معتبرين عملهم فرصة العمر في تحصيل الأرزاق!؟

أين الحل وما سبيله؟

   سؤال أكثر إيلاماً من إجابته التي يحتار المرء فيها مع تلاطم أمواج الفساد تحت حكم نظام سياسي فاسد من أخمس قدميه حتى قمة رأسه، فقد اختلط الحابل بالنابل، وأصبح القاضي والجلاد شخص واحد، وغدى الفساد وينابيعه وأسباب انتشاره اقرب للمشروعية والمقبولية الاجتماعية،  واختلطت احاديث الجميع فاسدين وغير فاسدين، في هستيريا الاستعراض والقيل والقال من حديث العامة والخاصة دونما إيجاد حل لإيقاف هذه الحمى النزفية التي تنخر الأجساد والكيانات، وتحيل الأوطان الجميلة إلى مساكن هزيلة وفنادق بائسة يضمحل فيها البشر ويهزل؟

وفي خضم هذا الطوفان هل ما زال الملح نقيا أم جرفته أمواج الفساد فتلوث؟

وهل ما يزال الكي آخر العلاج أم انه سيحرق الأخضر واليابس!؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

•     الأنفالات: تسمية أطلقها نظام صدام حسين على حملات عسكرية لإبادة الكُرد في نهاية ثمانينيات القرن الماضي وذهب ضحيتها 182000 مائة واثنين وثمانين ألف مواطن مدني معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ.

 




آخر الأخبار

الرئيس مسعود بارزاني: نريد أن ينعم شعب كوردستان بحقوقه في كل دولة يكون فيها

FRIDAY, 09 MAY 2025 00:05:41

هوليرـKDP.info- في لقاء خاص على قناة شمس ضمن برنامج "The Capitol hill show" ، أكد الرئيس مسعود بارزاني أن نضال عائلته بدأ مع عمه الشيخ عبد السلام منذ مطلع القرن العشرين، وأشار إلى أن شعب كوردستان مر بمعاناة شديدة وتعرض لكوارث عدة خلال نضاله التاريخي.

 
نێچیرڤان بارزاني يستقبل القنصل العام الجديد لفلسطين

WEDNESDAY, 07 MAY 2025 19:05:17

هوليرـKDP.info ـ التقى فخامة نێچیرڤان بارزاني، رئيس إقليم كوردستان، ظهر اليوم (الأربعاء، ۷ أيار ۲۰۲٥)، القنصل العام الجديد لفلسطين في إقليم كوردستان ماهر الكركي.

 
رئيس الحكومة يتفقد سير العمل في مشروع إمدادات المياه الطارئة بـ هولير

TUESDAY, 06 MAY 2025 20:05:00

هوليرـKDP.info- تفقّد رئيس حكومة إقليم كوردستان مسرور بارزاني، اليوم الثلاثاء 6 أيار (مايو) لعام 2025، مشروع إمدادات المياه الطارئة في مدينة هولير، وهو المشروع الذي وُضع حجر أساسه في شهر أيلول من العام المنصرم.

 
مسرور بارزاني يفتتح معرض أربيل الثالث للسياحة في الشرق الأوسط

TUESDAY, 06 MAY 2025 20:05:00

هوليرـKDP.info ـ افتتح رئيس حكومة إقليم كوردستان مسرور بارزاني، اليوم الثلاثاء 6 أيار (مايو) 2025، فعاليات معرض أربيل الثالث للسياحة في الشرق الأوسط (METEX)، بمشاركة واسعة من شركات السياحة المحلية والدولية، وحضور دبلوماسيين وممثلي القنصليات والشركات الأجنبية، الذين رحب بهم رئيس الحكومة ترحيباً خاصاً.

 
الرئيس بارزاني يستقبل رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

TUESDAY, 06 MAY 2025 20:05:00

هوليرـKDP.info- استقبل الرئيس مسعود بارزاني، اليوم الثلاثاء، 6 أيار 2025 في مصيف صلاح الدين، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فضيلة الشيخ الدكتور علي القره داغي، والوفد المرافق له.

 


 
© 2023 Kurdistan Democratic Party, KDP

Contact