Kurdistan Democratic Party

Renewal  .  Justice  .  Coexistence


 

التجسس طلقة في جبين الشرف السياسي


 

  
دكتور هيثم رحيم المياحي

          بعيدا عن أنك مع او ضد السيد المالكي واختلاف توجهاتك وانتمائك الحزبي والفكري والديني. بعيدا عن مكانتك في المجتمع وقوتك السياسية والخلفية الثقافية التي تمتلكها.

نتحدث عن منظومة اخلاق ان ما اختلت سوف تنهار العملية السياسية بالكامل وسوف يعود نتاجها سلبا على الجميع بدون استثناء. اكتب لكم حباً وصدقاً واحتراماً وشكراً لمن يدافع عن الوطن وشكراً لمن يردع الفتن وشكراً لمن يعلوا شأنه في المحن. فهنا لست بصدد ان أكون مدافعاً عن شخص المالكي   ولا عن حزبه ولا عن تكتل سياسي بل خوفاً عن ما سوف يحدث ان استمرت سلسلة الخلافات والصراعات التي بدأت في التزايد اليوم بعد الاخر. وكثرت الخيانات والمؤامرات، ومن المؤسف ان اغلبها تأتي من الأصدقاء أكثر من الغرباء. وهناك حكمة اود ذكرها الى غوتاما بودا " الشيء المؤسف والمحزن في الخيانة انهـــــا لا تأتي ابــــــداً من اعدائنــــــــــا"

 

نحن جميعاً نعلم جيداً من المؤسف ان نقولها نحن كدولة لا يوجد لدينا اسرار وما يكتب عليه (ســــري للغايـــــة) ليلاً في اعلى سلطة تنفيذية في الحكومة نراها على صفحات التواصل الاجتماعي صباحاً. وما يدار في الغرف الخاصة من اجتماعات والتي من المفترض تكون (خــــاصة جــــدا) تتسرب بعض المحاور الى العلن بطريقة او بأخرى.

 

ولكن الفارق بين الماضي والحاضر كبير. كانت الكتل السياسية مع اختلاف الرؤى بينهم وتزايد الازمات والخلافات يوجد بينهم احترام وتقييم وتقدير لبعضهم البعض وخصوصياتهم. يوجد منظومة تعامل وتفاهم واخلاق تمنع الجميع من اجتياز الخطوط الحمراء التي رسمت في هذه التعاملات والسياقات السياسية. ولكن في الحاضر المحزن والمظلم بسوء التخطيط واستخدام أسلوب التجسس والتسقيط انهارت لدينا منظومة الاخلاق التي رسمناها سوية كسياسيين وكتل وأحزاب. وسوف اكتب بصراحة ولا يهم ان احببتني او كرهتني على أصل معك الى نتيجة تحسم هذا الجدل وتضع النقاط على الحروف وكما يقول شكسبير.

" تحبني ام تكرهني جميعها مفضلة لدي فاذا احببتني سوف أكون دائما في قلبك وإذا كنت تكرهني سوف أكون دائما في عقلك."

 

رغم سماعنا للكثير من السيناريوهات الخطرة التي اطلعنا عليها سواء إعلاميا او من خلال النقاشات السياسية وغيرها والتي وجهت الاتهام الى عدة جهات منها تخوين بعض الكوادر داخل مكاتب الساسة وحتى بيوتهم وقصورهم والبعض ذهب باتجاه أجهزة امنية تستخدم قوتها وقدرتها لجمع معلومات عن السياسيين من اجل مصالح أحزاب أخرى تابعين لهم او من اجل منافسة لمصحة شخوص يراد لهم مسك السلطة وابعاد الاخرين عن كفة التنافس. وهناك من أشار الى تدخل مخابرات دولية وإقليمية وغيرها من اجل خلق فتنة داخلية بين القادة والأحزاب وخصوصاً الأحزاب الشيعية. وغيرها من التهم والسيناريوهات المختلفة.

 

ما نشر وينشر الان عن السيد المالكي هي بـــداية لموجه ملفات وتسجيلات سوف تسرب الواحد تلو الاخر وما علينا هو الانتباه الى خطورة هذه الافه التي سوف تجرف العملية السياسية الى الانهيار وتوصل الشارع الشيعي الجنوبي الى الاقتتال. هناك من أشار الى ان الكورد قد عاشوا الصراع الداخلي فيما بينهم والنتيجة كانت سلبية باقتتال الاخوة فيما بينهم نتاجها عشرات الالاف من الضحايا وهجرة مئات الالاف من الشعب الكوردي سواء من الاتحاد الكوردستاني في سليمانية او من الديمقراطي الكوردستاني في أربيل ودهوك.  والحمد لله كان هناك من العقلاء الذين قرروا ان ينهوا الاقتتال الكوردي - الكوردي وحدث الاتفاق الاستراتيجي الهام بين فخامة الرئيس مسعود بارزاني والراحل مام جلال بداية سلام عقلاني انهى حرباً دموية لن يقبل بها الشعب الكوردي.

وبعدها كانت العاصفة على المحافظات السنية وقد انهارت والاقتتال كان ما بين الفكر الإرهابي والفكر الاعتدالي حيث عانت المحافظات السنية التهجير والقتل والمجازر التي حطمت منظومة المجتمع والاقتصاد والامن بالكامل وبفضل الله تحررت المحافظات التي كانت تحت سيطرة القاعدة وداعش وعادت لها الحياة وعاد أهلها الى بناء واعمار وعمل وتوافق وسلام فيما بينهم بعد هجرة ملايين منهم خارج مناطقهم. وقد تركت الاحداث الاف الارامل والاف اليتامى وبيوت محطمة وبنية تحتية منهارة كلفت الدولة مليارات الدولارات لاستعادة بناءها.

 

ويقال ان المخطط يجب ان يكتمل والقادم هو اقتتال شيعي شيعي سوف يتسب بهجرة ملايين الشيعة من محافظات الجنوب الى الغربية والى كوردستان هرباً من الموت والحطام والجوع والدمار الذي سوف يتسبب نتيجة الحرب الاهلية التي سوف تندلع بين الأحزاب الشيعية والقوى الأمنية والعسكرية وحتى بين الفصائل والحشد الشعبي.

 نحن في العراق عشنا صراعات كثيرة فيما بيننا ونعم فشلنا في رسم خارطة طريق سياسية للوطن وان نبني ديمقراطية تكون مثالاً للعالم اجمع وقد حانت الفرصة كي نعترف بالفشل وان نتعلم من الأخطاء ونعمل على تصحيحها. وليس عيب ان نفشل في حياتنا ابداً فنحن نتعلم من الأخطاء والتجربة ضرورية لنا كافراد ومجتمع وكتل سياسية وحكومة. وكما قال توماس اديسون.

" اذا احس احد انه لم يخطئ ابــــــدا في حياتـــه فهذا يعني انه لم يجرب أي جديد في حياته"

 

ومن المستفيد من صراع دموي يمزق لحمة الوطن ويحرق ورقة الديمقراطية التي قدمنا لأجلها الدماء وعانى الشعب ما عاناه منذ التغيير عام ٢٠٠٣ ولغاية الان كي يبنى ديمقراطية وانتخابات حرة صوتوا فيها منذ العام ٢٠٠٥ وحتى الان. ديمقراطية يراد لها ان تمحي من الذاكرة العراقية الدكتاتورية والبعث والنظام السابق. فكيف لنا نرى من يسكب الزيت على النار ويشعل فتيل الحرب ونقف صامتين بلا ردع بلا تحرك من قبل الأجهزة الأمنية العراقية بلا تحرك من قبل الخارجية العراقية بلا تحرك من قبل القضاء العراقي بلا تحرك من قبل صفحات الأحزاب التي كان المفترض منها جميعا ان تمنع نشر وانتشار أي ملفات من شأنها خلق حرباً داخلية ينهار بها الوطن ومنظومة الدولة ولا توجد بعد ذلك حكومة، فالحرب (الشيعية ـ الشيعية) ليست كالحرب الإرهابية في المناطق السنية وليست كالحرب الكوردية بل ان الجميع يعرف ان ما اشتعلت بين المحافظات الجنوبية المليونية سوف لا تنتهي بيوم او اشهر ولا حتى بسنين فسوف تحرق معها الأخضر واليابس كما يقال بالمثل الشائع. دعونا نبدأ بالتغيير والتجديد ونرسم صورة رائعة عن العراق وشعبه دعونا نتفق على الأخطاء ونؤمن في بداية مختلفة فلا يستطيع أي شخص او دولة مهما كانت علاقتنا بهم ان يحدثوا لنا تغيير فلا بد من ان لهم مصالح خاصة بهم دعونا من يبدأ التغيير كما قال غـــــاندي.

" كن أنت التغييـــــــــر الذي تـــــــــــــــريد ان تـــراه في هذا العالـــــــــم"

بعيداً عن طريقة التسريب للمقطع ومن نشره وكيف وصل اليه، الخطورة تكمن في القادم وماذا سوف ينشر ومن هو الشخص الاخر ثم الاخر حتى تكتمل خيوط العنكبوت التي خطط لها ان تحاك بطريقة شيطانية لأشعال فتيل الفتنة والحرب بين أبناء المكون الواحد. وعلينا ان لا نمشي على الطريق المرسوم للأخرين لأنهم رسموه لمصالحهم ومخططاتهم سواء كانوا اشخاص ام دول فالعراق يختلف بثقافته ومكوناته وحضارته وتاريخه وسياسته. وكما قال جراهام بل.

 

" لا تمشي ابــــــــداً على الطريق المرسوم لأنه يقودك حيث ذهب الأخـــــرون"

 

فرسالتي هنا للأحزاب جميعـــــا متمنيا ان يتمعنوا بهذه الحروب التي اخطها لهم صادقاً مخلصاً للوطن والشعب قبلهم.

•     ان من يعتقد انه سوف يربح بخساره أخيه فهو مخطيء. فالحرب القادمة سوف تهدم اركان الدولة وسوف نخسر علاقاتنا الداخلية والإقليمية والدولية. وسوف تخرج جميع السفارات والمنظمات الفاعلة والعاملة في الوطن.

•     ان من يروج لهكذا تسريبات ويساهم في نشر تسجيلات صوتيه او غيرها اليوم لأخيه في العملية السياسية لا يفرح كثيراً فعله يكون الملف القادم يكون له وسوف يتعامل الطرف الاخر معه بالمثل وبنفس الطريقة.

•     ان من يعلم أي معلومة عن الشخص والمجموعة او الجهاز الأمني الداخلي والخارجي ولا يعلن عنه سوف يكون مشاركاً في خلق الفتنة واشعال الحرب. لذا علينا ان نكون متحدين في اخطر مرحلة يمر بها العراق وفي ضل حكومة هشة لا تستطيع توفير ابسط الخدمات لشعبها وفي ضل مظاهرات بين الحين والأخر لمجاميع من الشعب العراقي الذين يطالبون بأبسط حقوقهم وفي ضل المخدرات التي دخلت المحافظات والبيوت وأصبحت اخطر علينا من الإرهاب وفي ضل نسبة الانتحار المتزايد والفقر الذي وصل اعلى مستويات في مناطق الجنوب.

•     ان تشكيل الحكومة واختيار رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء يجب ان يحسم بأسرع وقت وهذا يسهم في حقن الدماء ودرء الفتن ولم شمل الكتل ومنع من يخطط بصوت الكفر وصوره الشيطان من ان يكتمل مشروعهم الذي يصبون اليه منذ سنوات الا وهو الحرب الشيعية الشيعية.

•     ان محاسبة الفاعل وتشكيل لجنة من جميع الأجهزة الأمنية ضرورة هامة ليكون  التنسيق فيما بينهم واضح ويختار الأكثر عقلانية وعلمية وإدارة وقيادة من الأجهزة بما فيها هيئة الحشد الشعبي ويتحدوا كي يحسموا الجدل ويعلن عن الجهة التي تريد اسقاط منظومة الدولة والأخلاق التي نتعامل بها منذ سنوات.

•     تشكيل لجنة اقتصادية تحل ازمة العراق الحالية بكل مصداقية وتوضع حلاً جذريا بدل الحلول الإعلامية من اجل مصالح خاصة والتي نسمعها منذ سنوات عديدة بما يخص ازمة الكهرباء والخدمات وغيرها. حتى يخفف من الثقل الموجود على اكتاف المواطنين ويكون السياسي اكثر مصداقية مع شعبه لأنه لا وجود للأحزاب بدون شعبهم وجمهورهم الداعم لهم.

•     اختيار رئيس الوزراء بصورة معلنة امام الشارع العراقي وبلا خوف ولا تردد واحترام ما اشارت اليه المرجعية العليا مراراً وتكرارً ( المجرب لا يجرب) وحتى ما أشار اليه السيد مقتدى الصدر في خطابه من نقاط هامة واهمها (شلع قلع). كي يتكون لدينا حكومة صادقة فيها من الكفاءات والمتخصصين وذات القدرة على الإدارة والقيادة والتخلص من المحاصصة السياسية التي كان الأكثر خطورة على العراق حينما يختار الفاسد والفاشل وغير الكفوء والذي لا يمتلك الخبرة ولا حتى الولاء ليمسك منصباً هاماً سواء كان سياسي او دبلوماسي او تنفيذي او تشريعي وغيرها.

•     ختاماً ان نبتعد عن خلافاتنا واختلافنا فيما بيننا لأن شعار الشيطان ( فرق تسد) ولا منفعة في تفرقتنا بل هناك ضعف كبير فيها لنا جميعا وفي رمي الخلافات وراء ظهورنا سوف نكون اقوى واكثر حكمة وعقلانية في حماية الوطن والشعب من القادم الذي ليس فيه مصلحة للعراق والشعب. وان نقيم بعضنا الاخر وان نحترم جميع الآراء مع الاختلافات فيما بيننا ولا نقلل من قيمة وشأن وقدر الاخر بل نعطيه ما يستحق ان كان سلباً او ايجاباً ولا نسوء التقييم عسى ان لا يضعنا بنفس المستوى ويقلل من قدرنا كما قال امير المؤمنين الامام علي (عليه السلام).

 

" أذا وضعت احــــــداً فوق قــــدره فتوقع منه ان يضعك دون قـــــــــدرك"