Kurdistan Democratic Party

Renewal  .  Justice  .  Coexistence


 

سياسة الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه إقليم كوردستان

غزلان خليل وضحي

من المفيد الإشارة الى بعض المواقف الإيجابية للرئيس الأميركي الجديد (بايدن) تجاه الشعب الكوردي، وهي استنكار عملية الأنفال في سنة 1988 وهي إحدى عمليات الإبادة الجماعية التي قام بها الرئيس العراقي المقبور صدام حسين ضد الكورد في إقليم كوردستان والتي راح ضحيتها 182 ألف انسان كوردي بريء، أبدى بايدن حينها استياءه من "عدم قيام الرئيس جورج بوش الأب بإسقاط حُكم صدّام حسين، وتمسكه بالحفاظ على وحدة أراضي العراق، والسماح لِصدّام باستعادة مناطق الأغلبية العربية الشيعية، والذي أدى بالنتيجة إلى مذبحة قُتل فيها عشرات الآلاف من الكورد.

وخلال التسعينيات من القرن الماضي، طالب بايدن بِرعاية قرارات تدعو تركيا إلى الانسحاب من إقليم كوردستان وتدعو إلى تسوية تفاوضية للصراع بين تركيا وحزب العمال الكوردستاني.

كذلك، زيارة بايدن لإقليم كوردستان في شهر كانون الأول سنة 2002 كان حينها عضواً في مجلس الشيوخ، حيث لقى استقبالاً حاراً من السكان وقال في كلمة أمام برلمان الإقليم: "الجبال ليست أصدقاءكم الوحيدين"، في إشارة إلى دعم الولايات المتحدة لتطلعات الشعب الكوردي، وتعهدها بتقديم الدعم لحكومة الإقليم، الذي وصفه بـ "پولندا الشرق الأوسط".

وانضم بايدن عام 2007، في وقت كان لا يزال عضواً في مجلس الشيوخ، إلى السيناتور الجمهوري (سام براون باك)، رئيس اللجنة الفرعية المعنية بشؤون الشرق الأوسط في رعاية قرار يدعو إلى إقامة نظام فيدرالي في العراق ما بعد صدام، حيث تحدث القرار عن إنشاء ثلاث مناطق حكم ذاتي في العراق.

وفي وقت كانت علاقته برئيس الوزراء العراقي الأسبق، نوري المالكي، متوترة في كثير من الأحيان، أقام بايدن علاقات قوية مع الكورد، بما في ذلك مع مام جلال طالباني رحمه الله  ورئيس إقليم كوردستان السروك  مسعود بارزاني.

خلال خمسة عشر عامًا، أظهر جو بايدن اهتمامًا خاصًا بالشعب الكوردي، وخاصة بسُكان إقليم كوردستان الذي زارها 24 مرة.  كان قلق بايدن بشأن الكورد أحد الحجج الرئيسية التي قدمها هذا الرجل لتصويته على القرار الذي سمح بتحرير العراق في سنة 2003، كما أنّه في قاعة مجلس الشيوخ الامريكي، ذكّر بايدن أعضاء المجلس بأن نظام صدّام حسين قمع بوحشية المدنيين الكورد في جنوب كوردستان. كان بايدن قلقًا أيضًا من قيام صدّام بِصنع أسلحة نووية، وإن تمكن سيقوم بارتكاب موجة جديدة من العدوان ضد جيرانه وكذلك ضد الكورد.  رغب بايدن أن يحمي الكورد من نظام صدّام حسين، وبعد سقوط الحكم البعثي، كان بايدن يتخوّف من هجوم الأتراك على جنوب كوردستان في حالة محاولة الكورد إقامة دولة كوردستان حيث أنهم كانوا سوف يحررون محافظة كركوك الكوردستانية الغنية بالنفط.

بعد سقوط نظام صدام حسين، اقترح بايدن تأسيس ثلاثة أقاليم في العراق، إقليم عربي سني، وإقليم عربي شيعي، وإقليم كوردستان. صاغ بايدن خطته على أنها قبول للسياسة الواقعية، قائلاً: أن الدستور العراقي ينص على اقامة أقاليم فيدرالية وقال أن الأمور تتجه بالفعل نحو التقسيم بشكل متزايد، والكل يدعم الفيدرالية، كان أحد مبررات بايدن لهذا النوع من الفيدرالية هو أن الكورد لن يتخلوا عن حكمهم الذاتي البالغ من العمر 15 عامًا آنذاك، والذي استبعد أي عودة إلى الحكومة المركزية.  في شهر أيلول سنة 2007، بينما كان بايدن يرشح نفسه للرئاسة الامريكية، صوّت مجلس الشيوخ ب(75) صوتاً مقابل (23) صوتاً لصالح الموافقة على خطته لفيدرالية العراق. إن موافقة مجلس الشيوخ على هذا المشروع، على الرغم من أنها كانت رمزية، الا انها إشارة الى أهمية خطة بايدن. كما أنه عندما أصبح تنظيم الدولة الإسلامية تهديدًا لأمريكا لا يمكن تجاهله، أقامت الإدارة الامريكية علاقات عسكرية قوية، حيث أنها تعاونت مع حكومة إقليم كوردستان للتصدي لخطر المنظمة الإرهابية داعش.

الديموقراطيون والجمهوريون يعتبرون أن الكورد حليف مهم في المنطقة، بِفارق بسيط وهو أن الديموقراطيين يؤمّنون المزيد من الاستقرار في العلاقات الكوردية - الأمريكية من دون مفاجأة غير متوقعة كالانسحاب الأمريكي الذي باشره الرئيس دونالد ترامپ بلا تفاهم مع الكورد.

بالاستناد الى مواقف بايدن السابقة تجاه الشعب الكوردي وخصوصا جنوب كوردستان، نتوقع أن يكون عهد إدارة بايدن لصالح جنوب كوردستان، حيث أنه من المتوقع أن تلعب إدارة بايدن دوراً ايجابياً في المفاوضات التي تجري بين حكومة إقليم كوردستان وبغداد لحل المسائل العالقة بما يُمكّن الإقليم من تحقيق الاستفادة القصوى من موارده الاقتصادية في ظل علاقة هادئة مع بغداد والاستمرار في تدريب قوات الپێشمەرگة وتسليحها ومنع الدول الإقليمية في التدخل في شؤون الإقليم والاعتداء عليه.

من المتوقع أن تتحسّن ظروف الشعب الكوردي خلال فترة حكم بادين، كما أنه من خلال تصريحات الرئيس الأميركي المنتخب فإنه سوف تضغط الإدارة الأمريكية الجديدة على حكومة بغداد للالتزام ببنود الدستور المتعلقة بحقوق إقليم جنوب كوردستان.