Kurdistan Democratic Party

Renewal  .  Justice  .  Coexistence


 

السياسة بين أصحاب المصالح و أصحاب المبادئ

جعفر إبراهيم

        من المعلوم بأن الكوردستانيين في العراق ناضلوا بمبادئهم ومن أجل أهدافهم القومية والأنسانية ومن أجل  الحرية و المساواة في العراق الجديد، و لم يكن للمصالح القومية الضيقة و لا المناطقية و لا الشخصية موقع قدم في هذه المعادلة و التي لا تحتاج الى برهان، فكل الأدلة والبراهين هي لصالح القادة الكوردستانيين، بأنهم و منذ اليوم الأول لتحرير العراق ٢٠٠٣ وضعوا مصلحة العراق الجديد، العراق الديمقراطي المدني فوق أي مصلحة أخرى، كانوا في ذلك الوقت أمام خيارين ، إما الإنفصال عن العراق و إعلان دولتهم المستقلة الصغيرة فوق المحافظات المحررة الثلاث ١٩٩١، أو العودة الى العراق من جديد و بناء دولة جديدة قائمة على العدل والحرية و المساواة، دولة ديمقراطية مدنية ، ولم يكن القادة الكوردستانيون   في ذلك يحتاجون لا الى دعم أمريكا ولا دعم اسرائيل ولا الى تقسيم جوبايدن كما يروج كثيرا هذه الأيام، حيث كان إستقلال إقليم كوردستان الصغير أمرا واقعا، لا أحد يستطيع أنكاره، ولكن إتجه القادة الكوردستانيون عن قناعة و ادراك الى تبني الخيار الثاني و الذي كان يتطابق مع مبادئهم ، لأن الخيار الأول يعني عمليا تقسيم شعب كوردستان العراق مرة أخرى ، ان تبني الخيار الثاني كان يعني عمليا  و استراتيجيا بناء عراق فيدرالي قوي يستطيع الوقوف على قدميه من جديد وليستعيد عافيته و سيادته بأسرع وقت ممكن، أن أختيار  الدولة الديمقراطية المدنية الكبيرة بدل الدولة الديمقراطية المدنية الكوردستانية الصغيرة ، كان خيارا استراتيجيا صحيحا ، كان القادة الكوردستانيون و لا زالوا صادقين مع  مبادئهم ، صادقين في سياستهم اليومية و الاستراتيجية، لقد دافع القادة الكوردستانيون عن مصالح الدولة الفدرالية العراقية داخليا و خارجيا عن كل قناعة و اخلاص، يوما كان أقليم كوردستان في أوج قوته و المؤوسسات الفدرالية في أوج ضعفها، لقد كان الكوردستانيون يتحركون وفق مبادئهم و ضميرهم الحي و لم يكونوا  يصغون و لا يرضخون الى أصحاب المصالح من الدول الاقليمية و لا الدولية ، فهل يستحق القادة الكوردستانيون اليوم كل هذه الشتائم وكل هذا الكم الهائل من التهم الجاهزة و الباطلة ، وهذا الهجوم غير المنصف و غير المبرر ، من كان أكثر أخلاصا للعراق الفدرالي؟  القادة الكوردستانيون الذين أخرجوا العراق من تحت البند السابع بفضل حنكتهم و دبلوماسيتهم الفذة عام ٢٠١١، و الذين حرروا واردات النفط العراقي من تحت السيطرة الفعلية للمحتل عام ٢٠١٢، و الذين دافعوا عن العراق الفيدرالي في كل مناطق العراق ضد القاعدة و ضد داعش منذ ٢٠٠٥ و الى ٢٠١٦، أم أنتم الذين تتفننون في خلق الأعذار الواهية لفشلكم الشنيع في حكم العراق ، أنتم من حولتم العراق الى دولة فاشلة ، أنتم من هدرتم المليارات من واردات النفط العراقي ، أنتم كنتم دوما بارعين في كيل التهم الجاهزة ضد الآخرين ، و من الذين حق عليهم القول ، بأنهم يذكرون الآخرين و ينسون أنفسهم دوما ، ماذا قدمتم  للعراق، هل حافظتم على سيادته أم فتحتم الحدود و المنافذ لكل من هب و دب، من أغرق العراق في مستنقع الفساد و العنف و الطائفية و التمييز العنصري، هل أعدتم اعمار العراق، أم هدمتم ما تم بنائه في السابق، هل أشبعتم العراقيين خبزا، أم حرمتم عليه العيش الكريم ، حرمتم عليه الأمن و الأمان ، وحرمتموه  حتى من الماء الصالح للشرب، نحمد الله بأن قادتنا ليسوا بمثل قادتكم، قادتنا كانوا و مازالوا أصحاب المبادىء و أكثرية قادتكم كانوا و مازالو من أصحاب المصالح ، و ليس مصالح العراقيين ، بل و للأسف مصالح الآخرين.