Kurdistan Democratic Party

Renewal  .  Justice  .  Coexistence


 

الشباب الكوردستاني بين ايلول الثورة والحاضر المشرف

جواد ملكشاهي 

لاشك ان الشباب في جميع المجتمعات يشكلون قوة بشرية جبارة وطاقات هائلة للبناء والتغيير في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومن دون اسهام هذه الشريحة في اية حركة تغييرية يصعب الوصول للهدف المنشود.

في مجتمعنا الكوردستاني لعب الشباب دورا متميزا في الحركات والثورات والانتفاضات ضد الواقع الطبقي والاجتماعي الذي كان سائدا في الازمنة القديمة، ومع تطورالمجتمعات البشرية ومنها مجتمعنا الكوردستاني، اصبح الشباب اليوم الحركة الديناميكية والطاقة الكبيرة المحركة للبناء والتقدم والتطور وتمكنت من ان تأخذ مساحة كبرى في تغيير الواقع السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي. 

وفي تأريخنا المعاصر ومع تقسيم ارض كوردستان بين بقايا الامبراطورتين الصفوية والعثمانية المتمثلة بإيران وتركيا الحاليتين وكذلك بين الدويلتين الحديثتي الانشاء العراق وسوريا كأفرازات للحرب العالمية الاولى، اندلعت ثورات وانتفاضات متعددة في مراحل مختلفة بحسب الظروف السياسية التي كانت تهدف لتغيير الواقع المفروض وتحرير الارض والانسان من الاحتلال والعبودية التي فرضتها الانظمة القمعية للدول المذكورة على امتنا الكوردية.

اندلاع شرارة ثورة ايلول العظيمة بقيادة القائد الرمز الخالد مصطفى البارزاني  في الحادي عشر من ايلول عام 1961 بعد ان تشكل الحزب الديمقراطي الكوردستاني في 1946 كان له الدور الكبير في تنظيم المجتمع وتوعيته وتثقيفه في المدن والقصبات والأرياف، وتمكن الحزب من ايجاد تغييرفكري كبير بين طبقات المجتمع المختلفة الامية والمتعلمة منها بغية الخلاص من الظلم والاستبداد والقمع الذي مارسه النظام الملكي ضد شعبنا  وارضنا المحتلة.

كان للشباب الكوردستاني اسهاما فاعلا ودورا رياديا كبيرا في اشعال شرارة ثورة ايلول العظيمة في المجالات المختلفة وبالاخص في تحشيد الجماهير من خلال الحملات التوعوية والتنظيمية لبناء جيش عقائدي من قوات الپێشمه‌رگة لتحقيق اهداف شعبنا ونيل حقوقه المشروعة العادلة.

كانت قيادة الثورة وعلى رأسها الخالد مصطفى البارزاني تعول على جميع آحاد المجتمع الكوردستاني وشرائحه المختلفة في اندلاع ثورة ايلول، الا انها كانت تعتمد بالدرجة الأساس على شريحة الشباب واناطت بها المهمات الاساسية كمقاتلين في جبهات القتال ضمن قوات الپێشمه‌رگة وتكليف المعلمين منهم لاستمرار التعليم في المدارس للحيلولة دون توقف العملية التربوية وكذلك في مجال الطبابة ومعالجة الجرحى والمرضى في المناطق التي كانت تحت سيطرة قيادة الثورة وفي مجمل المهمات التي كانت الثورة بحاجة اليها. واثبت الشباب الكوردستاني جدارتهم في انجاز المهمات الموكلة اليهم بالرغم من قلة الامكانيات المادية واللوجستية اللازمة لاستمرار الثورة وتمكنوا من التصدي البطولي للقوات الغازية والوقوف بحزم وصلابة كبيرين بوجه زحف قوات النظام المدجج بالسلاح نحو القرى والمدن المحررة الى جانب استمرار مناحي الحياة الطبيعية مثل التعليم والصحة وتأمين كل ماتحتاجه الجماهير من الغذاء والدواء والخدمات الاساسية الاخرى في تلك الظروف الصعبة، لذلك تعد ثورة ايلول العظيمة ثورة شبابية بامتياز نظرا لما كانت توليه قيادة الثورة لهذه الشريحة من أهمية قصوى، وكان لصمود الشباب الكوردستاني وشعوره العالي بالمسؤولية وايمانه بقدراته الذاتية أهمية اضافية لإرغام النظام العراقي على الاعتراف بحقوقه المشروعة والعادلة.

بعد انتصار انتفاضة شعبنا الكوردي في عام 1991 ضد النظام الدكتاتوري الصدامي وتحديد مناطق آمنة للشعب الكوردي من قبل المجتمع الدولي، شارك  الشباب الكوردستاني في بناء كل مادمرته الآلة العسكرية للنظم التي توالت على حكم العراق وكان لهم دور فاعل واسهام وطني كبير في بناء الحياة السياسية الجديدة وانشاء اقليم كوردستان في انتخابات حرة ديمقراطية.

وما نراه اليوم من عملية بناء فكري وثقافي واعمار حضاري شامل في القرى والقصبات والمدن الكوردية الكبيرة وبالاخص العاصمة اربيل وترسيخ الامن والاستقرار في ربوع اقليمه الذي اصبح انموذجا رائعا في عيون شعوب المنطقة كان بهمة قيادتنا السياسية الحكيمة المتمثلة بالرئيس مسعود بارزاني وبطاقات جميع شرائح المجتمع الكوردستاني وبالاخص شريحة الشباب.

اليوم تحاول القوى المعادية للشعب الكوردي وتطلعاته المشروعة في داخل العراق وخارجه ضرب العمود الفقري للإقليم والذي يمثله شريحة الشباب من خلال وسائل الاعلام المضللة والحرب النفسية القذرة لخلق فجوة بين الحكومة والشعب وايجاد حالة من اليأس والاحباط لدفع الشباب الكوردستاني اما لترك الوطن واللجوء الى الاغتراب او ابعادهم عن الساحة السياسية والبناء الاقتصادي بغية افراغ الاقليم من محتواه الشبابي الحيوي كأكبر قوة يمكنه ان يبني كيانا مستقلا لشعبنا مستقبلا.

عليه يتحمل الشباب الكوردستاني اليوم مسؤولية كبرى في التصدي للمؤامرات والتهديدات التي تواجه التجربة النموذجية الرائعة في اقليم كوردستان بشتى الوسائل وكل حسب موقعه والعمل على تعزيز الوحدة الوطنية وعدم الانجرار وراء المحاولات اليائسة للأعداء لهدم كل مابناه الشعب الكوردستاني طيلة العقود الثلاثة الماضية، وعلى حكومة الاقليم ايلاء اهتمام ورعاية خاصة بالشباب وتوفير فرص العمل المناسبة والحياة الحرة الكريمة لهم كي لاتستغلهم الجبهة المعادية وتضللهم، ولكي لايصبحوا اداة لنواياهم واغراضهم الشريرة وليبق الشباب الكوردستاني ثوريا وحيويا كما كان في ثورة ايلول العظيمة والثورات والانتفاضات الاخرى لشعب كوردستان.