Kurdistan Democratic Party

Renewal  .  Justice  .  Coexistence


 

في ذكرى تشكيل الكابينة الاولى حكومة بارزاني تجابه التحديات بقوة وثقة عالية بالنفس

جواد ملكشاهي 

بعد عقود من النضال القومي وتقديم تضحيات جسام من اجل الحرية وحق تقرير المصير، ونتيجة لانتفاضة الشعب الكوردي بعد طرد الجيش العراقي من الكويت في عام 1991 ومن ثم قمع تلك الانتفاضة الشعبية من قبل النظام والهجرة المليونية للشعب الكوردي الى دول الجوار، اصدر مجلس الامن الدولي القرار 688 الخاص بانشاء منطقة امنة للشعب الكوردي في جنوب كوردستان بحماية دولية.

نتيجة لمتغيرات الموقف الدولي من اوضاع المنطقة وبالاخص من القضية الكوردية والقراءة الحكيمة لتلك المتغيرات من قبل القيادة الكوردستانية تم تنظيم اول انتخابات برلمانية في اقليم كوردستان في 19/5/1992 ومن ثم تم تشكيل اول حكومة لاقليم كوردستان في 4 من تموز من نفس العام برئاسة الدكتور فؤاد معصوم.

وواجهت حكومة معصوم تحديات كبيرة في بداية تاسيسها بسبب الحصار المزدوج الدولي والصدامي على شعب كوردستان وسحب المؤسسات الحكومية الادارية والخدمية من محافظات ومدن الاقليم والاوضاع الاقتصادية المنهارة انذاك وفقدان الخدمات بشكل عام، لكن نتيجة للتلاحم الوطني وتعاون الشعب مع الحكومة والانسجام بين القوى السياسية الكوردستانية، تمكنت الحكومة الفتية من مجابهة تلك التحديات والانتقال الى مرحلة افضل لولا ظروف الاقتتال الداخلي وتدخل القوى الاقليمية في الشان الكوردي.

عندما نقارن الظروف الحالية لحكومة السيد مسرور بارزاني مع الظروف التي تشكلت فيها الحكومة الاولى نرى ان هناك اوجه تشابه بين ظروف تشكيل الحكومتين والتحديات التي تواجهها، الا ان الحكومة الحالية ورغم التحديات الكبيرة تسعى وبجهود استثنائية من ادارة دفة الامور بشكل يمكنها الحفاظ على الاقليم ككيان دستوري وعدم التفريط بالثوابت الوطنية والقومية التي تجسدت في برنامجها المقدم لبرلمان كوردستان.

التحديات الحالية تتمثل بالصراعات السياسية الداخلية في الاقليم والضغوط التي تمارسها بعض الكتل السياسية العراقية على حكومة الاقليم فضلا على الضغوط العسكرية والامنية التي تمارسها كل من طهران وانقرة في المناطق الحدودية فضلا على الموقف الدولي الخجول من كل تلك الضغوط على الرغم من التعاون الكوردي المشترك مع قوات التحالف الدولي في الحرب ضد الارهاب.

تناغما مع تلك الضغوطات الاقليمية والدولية تكالبت بعض القوى السياسية الشوفينية العراقية الممثلة في العملية السياسية على حكومة الاقليم وشعبها بغية تجويعه وكسر ارادته من خلال قطع رواتب الموظفين وعدم صرف الموازنة السنوية لها كاستحقاف دستوري، في الوقت الذي التزمت اربيل بكل مانص عليه الدستور والاتفاقيات المبرمة مع حكومة عبدالمهدي والمدرج في الموازنة العراقية لعام 2019، فضلا على  الحملات الدعائية المظللة التي تقوم بها الماكنة الاعلامية لتلك القوى التي تسعى لتشويه الحقائق وخلق فجوة بين مكونات الشعب العراقي.

الا ان حكومة الاقليم ورغم جميع تلك الضغوطات والممارسات الظالمة والتحديات الكبيرة ماتزال تعمل بخطى حثيثة من اجل معالجة جميع المشاكل والصعاب التي تعترض طريقها، تارة بضبط النفس مع القوى الاقليمية واخرى بسعة الصدر مع القوى العربية العراقية والتعامل بحكمة مع بعض القوى الكوردية المحلية التي لاتكترث لخطورة المرحلة والتهديدات الحقيقية التي تواجه الاقليم وشعبه من اجل مصالح حزبية وشخصية ضيقة، ناسية او متناسية ان الجميع في مركب واحد وان تعرض المركب لا سامح الله لخطورة ما سيغرق الجميع وعندها لاينفع الندم.

بالنظر لكل ماورد الاقليم امام تحديات كبيرة ومصيرية نظرا للظروف التي تمر بها المنطقة وعلى السيد رئيس الاقليم نێچيرڤان بارزاني القيام بمبادرة لترطيب الاجواء وجمع قادة الاحزاب والقوى السياسية الكوردستانية على مائدة الحوار الوطني لخلق اجواء جديدة من التفاهم المشترك و وحدة الموقف ازاء القضايا المصيرية بحيث تنسجم مع حجم التهديدات والمخاطر التي تواجه اقليم كوردستان.

كما ينبغي لرئاسة الاقليم وحكومته فتح باب الحوار والتفاهم مع القوى الاقليمية المؤثرة في المنطقة وبالاخص ايران وتركيا بغية توسعة المصالح المشتركة معها لتعزيز الامن والاستقرار في المنطقة وبالاخص في الظرف الحالي الذي يعاني العالم ودول المنطقة من ازمة اقتصادية نتيجة هبوط اسعار النفط والركود الحاصل في الاقتصاد العالمي بسبب انتشار وباء covid 19 في العالم.

وعلى حكومة الاقليم ايضا مصارحة الدول الصديقة والقوى الكبرى وبالاخص الولايات المتحدة الامريكية للعب دور مسؤول وتقديم الدعم لمعالجة بعض القضايا والامور التي يعاني منها الاقليم وخاصة الظرف الاقتصادي الصعب وتقديم الدعم المادي له كما تقدمه لبعض الدول الصديقة لها من اجل معالجة مشاكلها الداخلية ومجابهة التحديات والصعاب التي تواجهها.

يبق على الشعب الكوردي ايضا ان يمارس دوره في دعم حكومته المنتخبة ومؤسساته الوطنية كل من موقعه والا يقع في فخ الماكنات الاعلامية المضادة التي تسعى لاعادة عقارب الساعة الى الوراء من خلال شق الصف الوطني وايجاد فجوة او هوة بين الشعب والحكومة وزعزعة الامن والاستقرار في اقليم كوردستان ومن ثم فرض الهيمنة عليها من جديد و تدمير المنجزات والمكاسب التي تحققت في العقود الثلاثة الماضية رغم الماخذ على القوى السياسية والحكومات التي تشكلت بعد 1992. 

في الختام نهنئ شعبنا الكوردي في جنوب كوردستان وحكومته الوطنية المنتخبة بمناسبة تشكيل اول حكومة اقليمية في 4 تموز من عام 1992 املين الدعم الجماهيري لحكومة السيد البارزاني لاجتياز المرحلة الحالية واعادة المياه الى مجاريها و توفير العيش الكريم لابناء شعبنا.