Kurdistan Democratic Party

Renewal  .  Justice  .  Coexistence


 

نعم إقلیم كوردستان يدعم سياسة التعایش السلمي في العراق

الدکتور سامان سوراني

بما أن عملیة صنع السياسة العامة (Public policy) هي عبارة عن أداة تحلیلیة داخل النظام السياسي وذلك لتحديد الأنماط والعلاقات داخل المجتمع، وهي تختلف من نظام سياسي الی نظام سياسي آخر وفي النتيجة تظهر علی شکل قرارات وسياسات، رغم إختلاف صانعیها. حیث أن السياسة العامة وظیفة لایمکن للأنظمة السياسية المختلفة التخلي عنها.

فیما يخص العراق بعد 2003، نری أن سياسة التعايش السلمي على اساس الحرية والاختيار الطوعي في الدولة العراقية المتصارعة قومياً وثقافياً وتاريخياً نشأت بعد فترة طویلة بشكل ضعیف، لکنها وبسبب السياسات العامة الخاطئة للنخبة السياسیة التي وصلت بعدها الی سدة الحکم أصبحت مسألة التعایش شبه غائبة.

هذه النخب السياسية لم تستطع صياغة هوية الجماعة الإجتماعیة عن طريق صوغ مشترکات عامة، بما ينسجم مع المنطلق العقائدي والتاريخي والثقافي للکیانات، أي أنها وبسبب سوء الإدارة فشلت في تسوية الإشكالات الأساسية للنظام السياسي، لأنه وکما معروف أن الولاء الإفتراضي يبقی دوماً مرتهناً بالقدرة علی تشکیل هوية وطنیة إندماجية، علی قاعدة التساوي في الحقوق والواجبات في دولة الحقوق والعقل أو کما يسمی بالألماني بـ "Rechtsstaat" ناهیك عن إشاعة ثقافة الحوار والتسامح وقبول الآخر المختلف وتفعیل النظام الفدرالي وإعتماد منظومة الدیمقراطية بهدف تحقيق التعایش السلمي والمصالحة الوطنية بین مکونات المجتمع العراقي.

فيما يخص إقلیم كوردستان، فإن شعب كوردستان الذي مرّ بمحن وأزمات تاريخية من أجل التکوين والصیرورة وتحقيق أحلامه في السيادة والإستقلال، أختار بشكل طوعي الإتحاد والإندماج مع الهوية الإتحادية، بعد أن تم إيجاد صيغة تفاهم عن طریق قيادات كوردستان تضمن حقوق الاطراف والمكونات في العيش بحدودها وتمثيلها الجديد، بعیداّ عن لغة التهديد والوعيد أو دق طبول الحرب أو إستعمال سياسة الإنتقاص من حقوق شعب الإقلیم.

إقليم كوردستان خطت كحصيلة للإستقرار الذي يتمتع به على المستويين السياسي والديمقراطي وكنتيجة لممارسة سياسة حكيمة مطلية بالدبلوماسية والشفافية والإيمان الكامل بالسلام والتعايش وإحترام الدستور، خطوات كبيرة نحو بناء نوع من التكامل الإقتصادي والتجاري، أکد غير مرة علی إستخدام الحوار البناء في حل مشاکله العالقة مع الحکومة الإتحادية بحیث توافق المصالح السياسية والإقتصادية بين الطرفين وتبرز رٶی مشتركة لقضايا وتطورات سياسية داخلية أو في المنطقة.

إن التأكيد علی تطبيق الشراكة الحقيقية في ظل هذه الظروف الصعبة التي يمر بها العراق أمر ضروري لإعادة الإستقرار والسيادة لهذا البلد، فالأزمة الحالية تحتاج الی فكر مركب لمواجهة الوقائع وإعادة تشكيل المشهد وترتيب القوی علی المسرح، ولكي نعيش أحسن، عليه‌ أن نحسن العيش سوياً.

في السابق حاولت جهات غير وطنیة الإنقلاب علی الدستور داخل البرلمان ومنهم من حاول فرض حصار مالي علی الإقلیم والإستنجاد بقوی خارجية لمقارعة الفكر التجددي المعاصر في إقلیم كوردستان وخلق أزمة سياسية وإجتماعية، بدلاً من العمل في سبيل الإستقرار الأمني والسلام الحقيقي بين المکونات والمذاهب والبدء بخطوات لتصفير المشاكل الداخلية برؤية شعبية عراقية، رغم معرفتهم بأن الدستور العراقي بنيَ على التوافق في التعايش بين هذه المكونات، لا علی أساس فرض إرادة السياسيين من الاسلاميين والقومويين ممن أرادوا إفشال الدستور الدائم بأي ثمن کان وذلك لتحقيق رغبات أولیائهم.

إقليم كوردستان المتمسك الی حدٍ ما بفصل الدين عن السياسة يسعی الی لأم الشروخ ودعم التعاون داخل المجتمعات الكوردستانية لإجتياز الحدود ورفع القيود المصطنعة علی شعب كوردستان.

لقد جمع شعب كوردستان تجارب في الدفاع والسياسة،  إنه يستوعب المعادلات الداخلية والإقليمية والدولية، يرسم خططه التكتیكیة والإستراتيجية بوعي وإدراك علی ضوء تلك النتائج التي يتوصل اليها، بعد تقييم واقعه وظروفه الذاتية والموضوعية ليضمن الحفاظ على منجزاته و مسيرته.

لذا يدعم شعب إقلیم کوردستان وقيادته السياسية کل سياسة حکيمة تمارس من قبل الحکومة الإتحادية من أجل التعايش السلمي والشراکة الحقيقية وإنتصار إرادة الشعب العراقي في الحياة وفي العيش بحرية وشرف وکرامة، التي سوف تسود في النهاية، والتاريخ يٶكد أن إرادة الشعوب لاتقهر ولاتهزم ولاتخدع ولو بعد حين.