Kurdistan Democratic Party

Renewal  .  Justice  .  Coexistence


 

(راپەرين ) صرخة انقاذ كوردستان

زيدو باعدرى

بعد الفشل الذريع لنظام بغداد ومحاولاته المستمرة للقضاء عسكريا على الحركة التحررية الكوردستانية التي كان يقودها البارزاني الخالد، إتجه النظام إلى حيلة أخرى سرية ألا وهي إتفاقية الجزائر المشؤومة في ٥-٦ آذار سنة ١٩٧٥، واعطاء نصف میاه شط العرب والتنازل عن سیف سعد وزین القوس وضرب حركة تحریر الأحواز وتنازلات اخری لايران. وعلى إثر تلك الاتفاقية توقفت الثورة الكوردية لفترة قصيرة بعد أن أصبحت كوردستان أرض المآسي والتراجيديا.

فمنذ الشهر الأول بعد الاتفاقية الخبيثة، قامت سلطات بغداد بتوقيع إتفاقية أخرى جانبية ألا وهي السماح للجيش الإيراني والتركي بالدخول لأرض كوردستان بعمق ١٥ الى ٢٥ كلم إذا اضطر الأمر،  ومن ثم تفريغ وهدم القرى الحدودية على بعد ٣٠ كلم، إضافة إلى خراب ودمار وحرق الأرض وحتى سد الينابيع بالاسمنت حيث مارسوا جميع أساليب القمع ضد قوافل المهاجرين من المشتركين في الثورة ومحاولة  وصولهم إلى جنوب ووسط العراق، ولكنهم كانوا يصلون قسرا كما أنهم لجأوا إلى إجبارهم على أن يكونوا تحت الإقامة الجبرية، وكما تم ترحيل العديد من العائلات الى المنفى مشيا على الأقدام.

لقد منع النظام الدكتاتوري أيضا الكورد من استخدام اللغة الكوردية في المدارس، ومن ارتدائهم الزي الكوردي وذلك لطمس الهوية الكوردية.

وقامت سلطة البعث بتأسيس جهاز مخابرات بامتياز حيث أطلق عليه اسم (الحكم الذاتي)الكارتوني في كل من مدينة السليمانية، اربيل، دهوك حصرا، وقطع كل من مندلي، خانقين، جمجمال وكلار وكركوك وخورماتو، عقرة(آكري) وبعشيقة  وشیخان وشنكال وزمار من منطقة كوردستان وهنا أصبح التعريب في أوج عنفوانه، وكان لا مفر لأحد من التبعيث.

أما بالنسبة للترحيل فقد شمل أغلب السياسيين والمثقفين، وحاملي الوعي القومي، هكذا كان الحال الى ان اتجهت الثورة إلى مسار آخر، ألا وهو حرب الانصار (العصابات) أي البارتيزاني، وبعد حرب الانصار أصبحت جبال  ووديان كوردستان مقبرة للأعداء وللعملاء وتم كسر شوكتهم.

كانت المآسي مستمرة الى ان انطلقت حرب القادسية في 22/9/1980 وبعد مخاض عسير أصبحت معظم جبال كوردستان محررة بفضل سواعد الپێشمه‌رگة الابطال، وكما أن تلك الجبال أصبحت المقر الرئيسي للمعارضة العراقية والكوردستانية.

بعد توقف الحرب العراقية الإيرانية، قام الجيش العراقي بأبشع الجرائم البشرية على الأرض حيث قام بإبادة جماعية  وعمل على استخدام السلاح الكيماوي وقنابل النابالم المحرمة دوليا، وكانت النتيجة جريمة (حلبجة) التي راح ضحيتها ٦٠٠٠ مواطن من شيوخ وشباب ونساء وأطفال.

بعدها قام النظام الفاشي وخلال ٢٤ ساعة بعمليات الانفال سيئة الصيت، حيث تم هدم اكثر من 4500 قرية، ودفنت الاف العوائل وهم احياء في مقابر جماعية، تم اكتشافها بعد سقوط النظام الفاشي، وقد بلغ عدد المؤنفلين اكثر من مئة وثمانون الف كوردي من مختلف الاجناس والاعمار، ومن ضمنهم ٨٠٠٠ بارزاني .

بدأ ضغط النظام يزداد في الداخل والخارج ، وكاد أن يعيش الكورد بلا أمل حتى وصل الامر أن الكاتب والصحفي المعروف (كريس كوجيرا ) في لقاءه مع شخص كاك مسعود، واذيعت المقابلة حينها في الاذاعات العالمية حينما قال: "  لقد استطاع صدام تدمير كافة القرى والبساتين، وتفجير الكهوف، وطمر ينابيع المياه، لذا ليس بإمكانكم بعد الان بقيام حرب عصابات مرة أخرى)).

هنا رد عليه الرئيس قائلا: ((علينا أن نقوم بتصغير حجم مفارز الپێشمه‌رگة، كما وان هنالك آمل آخر حيث لا مانع لدينا للخوض في حرب المدن  والتكثيف من العمل الدبلوماسي، والسياسي في الخارج اذا لزم الأمر.

التراجيديا الكوردستانية لا مثيل لها.... حرب الخليج ٢ أغسطس ١٩٩٠....

تم احتلال النظام العراقي للكويت عسكريا ومن ثم تم تحريرها من قبل (٣٣ دولة)  الحلفاء، في هذا الوقت كانت الجماهير الكوردستانية في مرحلة الغليان للانقضاض على اجهزة النظام ومؤسساته البوليسية، وتمكنت قوات الپێشمه‌رگة من فتح قنوات كثيرة للاتصال بالخلايا النائمة والجماهير الوطنية في المدن الكوردستانية، مما ادى الى انطلاق انتفاضة 5 اذار 1991 وتحرير كافة المدن والقصبات الكوردستانية من قبضة النظام العفلقي، في كل من، اربيل، دهوك، سليمانية، كركوك، والموصل وديالى.

ولهذه الأسباب أيضا أصبح نظام بغداد في وضع لا يحسد عليه، خاصة بعد توقيع  المقبور صدام على ورقة بيضاء في اتفاقية (خيمة سفوان) في جنوب البصرة بشرط السماح له باستخدام طائراته ضد المنتفضين الكورد والشيعة... وقد كان له مايريد.. وبذلك استطاع صدام حسين من القضاء على انتفاضة الجنوب، لينتقل بعدها بطائراته وجيوشه الى كوردستان، نحو كركوك، والسليمانية، ودهوك والشيخان، مما ادى الى حدوث الهجرة المليونية، حيث سار ملايين الكورد على الاقدام، في اجواء رهيبه‌ من البرد والامطار باتجاه الجبال، والمناطق الحدودية لايران وتركيا وسوريا..

هنا نود أن نقول كلمة حق للتاريخ ، أن الشعب الكوردي استطاع أن يضغط على حكومات تلك الدول مما ادى الى تقديم المساعدات لهم وايواء الكثير منهم، هذا من جهة، ومن جهة أخرى قامت الجبهة الكوردستانية بتقسيم أدوار النشاط الدبلوماسي فيما بينهاوتمكنوا خلال تلك الفتره‌ من كسب عگف و ود المجتمع الدولي وبعض الدول العظمى كفرنسا بالدرجة الأولى واقترح على مجلس الأمن الدولي باصدار قرار لتحجيم تحركات صدام وجرائمة المستمرة، وكان إصدار قرار 688 لصالح الكورد لمنع ابادتهم، ما داى ذلك أدى إلى تغيير كفة الميزان ورجحانه لصالح كوردستان.

وبعد مفاوضات صعبة وعسيرة مع بغداد قامت الأخيرة بسحب جميع الدوائر من كوردستان الى مناطق  تحت سيطرتها، وعلى أثر ذلك دعت الجبهة الكوردستانية في اقليم كوردستان الى قيام نظام انتخابي ديمقراطي برلماني، حيث أثبتت كوردستان مرة أخرى للعالم بأنها حمامة سلام  وتريد العيش بأمان وديمقراطية واللحاق بالعالم المتطور المتقدم والحضاري.

وما هذه الإنجازات من اعمار كوردستان وممارسة النظام الديمقراطي فيها الا  جزء من السياسة الحكيمة التي ينتهجها سيادة الرئيس مسعود مصطفى البارزاني منذ أيام الجبل والى يومنا هذا.