د. وعدي مزوري
	ان الانتخاب بالنسبة لاقليم كوردستان ليس مجرد استحقاق ديمقراطي دوري، بل لحظة تاريخية حاسمة يعبّر فيها شعب كوردستان عن وعيه وإرادته، ويجدد التزامه بالطريق الذي يحمي كرامة الإقليم وحقوقه الدستورية. إنه اختبار جديد للوعي الجمعي وللقدرة على التمييز بين من جعل كوردستان قضيته الأساسية، ومن جعلها وسيلة لخدمة أجندات خارجية أو مصالح حزبية ضيقة.
	فالناخب الكوردستاني اليوم أمام خيارين واضحين. الأول هو خيار الثبات على المبادئ والدفاع عن كيان الإقليم الدستوري، ومواجهة كل المحاولات التي أرادت إضعافه أو تقزيمه ضمن عراق اتحادي لا يؤمن بالتعددية ولا بالشراكة الحقيقية. أما الخيار الثاني، فهو طريق أولئك الذين تخلّوا عن هوية كوردستان السياسية والدستورية، وفضلوا الارتماء في أحضان بعض القوى الشوفينية المسيطرة في بغداد، محولين أنفسهم إلى أدوات تبرر سياسات التهميش والتضييق الاقتصادي على الإقليم تحت شعارات وادعاءات مزيفة تدور حول “التفاهم” و“الحوار”.
	تجارب السنوات الماضية أثبتت أن هذا الطريق الأخير لم ينتج سوى الضعف، والابتعاد عن روح الدستور، والتنازل عن الحقوق التي دفع الشعب الكوردي أثمانًا باهظة لنيلها. التعاون الحقيقي لا يكون بالتبعية، ولا الشراكة تكون بالتنازل، بل بالندية والاحترام المتبادل. من لا يعترف بالإقليم ككيان دستوري لا يمكن أن يكون شريكًا في بناء دولة اتحادية عادلة.
	في المقابل، الاتجاه الذي اختار الثبات والإرادة الوطنية هو الذي صان كرامة كوردستان، ودافع عن موقعها في المعادلة الاتحادية بوعي وشجاعة، وواجه محاولات خنقها سياسيًا واقتصاديًا بصبر وإصرار. هذا الاتجاه لم يكتف بالمواجهة، بل عمل بجد على البناء الداخلي، فحوّل كوردستان إلى نموذج ناجح في الأمن والاستقرار والتنمية.
	الإنجازات الماثلة أمام الجميع لا يمكن إنكارها: مئات المشاريع العمرانية التي غيرت وجه المدن، الطرق والجسور التي ربطت القرى بالمراكز الحضرية، شبكات الماء والكهرباء التي أمنت الخدمات للمواطنين على مدار الساعة، والمدارس والجامعات والمستشفيات التي ارتقت بجودة الحياة والتعليم والصحة. هذه ليست شعارات انتخابية، بل حقائق ملموسة تعكس إرادة قيادة اختارت البناء لا الارتجال، والثبات لا الانكسار.
	كوردستان لم تُبنَ بالمجاملات السياسية، ولا بالسكوت على التعديات، بل بالموقف الصريح والعمل الدؤوب، وبالقدرة على قول “لا” عندما يُراد المساس بالسيادة والكرامة، وبالقول “نعم” لكل ما يحقق التنمية والاستقرار والحوار الحقيقي والشراكة البناءة.
	إن التصويت في هذه الانتخابات ليس رقمًا يضاف إلى صندوق الاقتراع ، بل موقف وطني صادق. إنه اختيار بين كوردستان قوية شامخة مزدهرة، وبين كوردستان ضعيفة تابعة لقرارات الآخرين.
	فمن يريد كوردستان حرة الإرادة، واثقة بخطواتها، مرفوعة الرأس أمام العالم، عليه أن يصوت لمن أثبت بالفعل لا بالقول أنه حارس كرامتها وحامي دستورها وصانع مستقبلها.عليه ان يصوت لمن جعل من ( الشراكة، التوازن والتوافق) شعارا لحملته الانتخابية، وهو ليس اي شعار كان بل هو نتاج نضال وفلسفة الحزب الديمقراطي الكوردستاني في إدارة الحكم والعلاقات السياسية داخل إقليم كوردستان والعراق عمومًا، فهذا الحزب يرى أن انتخابات مجلس النواب وسيلة لترسيخ الشراكة في القرار الوطني لا للسيطرة عليه، يسعى من خلالها إلى تحقيق توازن بين المكونات وتشكيل حكومة توافقية تضمن استقرار العراق وكوردستان.
	واخيرا فهل نريد كوردستان تفرض احترامها بموقفها وإنجازاتها  وتمسكها بحقوقها الدستورية وبكرامة شعب الاقليم؟ أم نرضى بكوردستان تُدار بقرارات من خارجها كما تفعل ذلك وتسعى لذلك بعض الاحزاب السياسية الكوردية المتحالفة مع بعض الجهات السياسية العراقية والاقليمية؟.
	الجواب سيكون في صوتك، فهو الذي يصنع الغد.
	 
	*المستشار القانوني الاقدم لرئاسة برلمان كوردستان