Kurdistan Democratic Party

Renewal  .  Justice  .  Coexistence


 

شارع الپێشمەرگة في باريس… دلالة الصداقة الكوردية – الفرنسية

ريوان ميراني

في مشهد خلاب يطل على نهر السين وسط العاصمة الفرنسية باريس، صباح يوم الجمعة 5 سبتمبر 2025، أزيح الستار عن شارع جديد يحمل اسم “الپێشمەرگة”. حضر المراسِم الرئيس مسعود بارزاني وعمدة باريس السيدة آن هيدالغو (Anne Hidalgo)، إلى جانب عدد من الشخصيات الكوردية والفرنسية. وجاءت هذه الخطوة التاريخية كتعبير عميق عن متانة العلاقات بين فرنسا وإقليم كوردستان، وعن تقدير باريس للتضحيات الجسيمة التي قدمتها قوات الپێشمەرگة في مواجهة تنظيم داعش الإرهابي.

هذه المبادرة لم تكن مجرد تسمية رمزية، بل اعترافًا دوليًا رسميًا بدور الپێشمەرگة في الدفاع عن القيم الإنسانية، وبالتضحيات العظيمة لآلاف المقاتلين الكورد الذين نذروا حياتهم لحماية أرضهم وشعبهم، وصون الاستقرار في المنطقة. كما أنها تعبير عن التزام أخلاقي وسياسي متجذر في قيم الحرية والعدالة التي تتبناها فرنسا، وتجديد للتعهد بأن باريس ستبقى سندًا لهذا الشعب الطامح إلى السلام والديمقراطية.

كانت فرنسا ولا تزال داعمة لشعب كوردستان وحكومته، إذ حضرت في أوقات الشدة، سواء في المحافل الدولية أو على أرض الواقع، عبر تقديم المساعدات اللوجستية والإنسانية. ولن ينسى الكورد الدعم الكبير الذي قدمته السيدة دانيال ميتران، زوجة الرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا ميتران، التي وقفت بقوة إلى جانبهم عبر مؤسستها “فرنسا الحريات”. فقد كانت من أوائل الأصوات الدولية التي نددت بالمجازر والانتهاكات القاسية التي تعرض لها الشعب الكوردي، خصوصًا خلال انتفاضته ضد النظام العراقي السابق في ربيع 1991. وكان لها دور بارز في الدفع باتجاه إصدار القرار 688 من مجلس الأمن الدولي، الذي أدان قمع الكورد وفتح المجال أمام إنشاء منطقة آمنة شمال العراق.

كما شاركت فرنسا مع الولايات المتحدة وبريطانيا في فرض منطقة الحظر الجوي شمال خط 36، وهو ما أتاح للكورد فرصة بدء تجربة الحكم الذاتي تحت حماية دولية. كذلك، قدمت باريس دعمًا عسكريًا وإنسانيًا مهمًا لقوات الپێشمەرگة في الحرب ضد داعش . (2017–2014)

إن حضور الرئيس مسعود بارزاني في هذه المناسبة يعكس مكانته كرمز قومي، ويؤكد أيضًا الاحترام الذي يحظى به على الساحة الدولية، بوصفه قائدًا جسّد إرادة المقاومة والصمود في أحلك الظروف.

ومن هنا، يمكن القول إن خطوة فرنسا هذه تمثل امتدادًا لمسيرة طويلة من العلاقات التاريخية، وستكون بلا شك حافزًا إضافيًا لمزيد من التعاون في المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية بين كوردستان وفرنسا.

في النهاية، فإن “شارع الپێشمەرگة” في باريس ليس مجرد لوحة اسمية، بل هو جسر رمزي يربط بين نضال شعب كوردستان وقيم الحرية التي تبنّتها فرنسا عبر تاريخها، ويؤكد أن تضحيات الپێشمەرگة ستظل حيّة في ذاكرة الإنسانية.