Kurdistan Democratic Party

Renewal  .  Justice  .  Coexistence


 

العرب لا يعلمون شيئا عن كوردستان

علي حسين فيلي

لا يسأل المواطنون العرب في هذا البلد انفسهم ابدا ماذا يريد الكورد، لا بل انهم غير مستعدين لسماع جوابه! ومن هذا يجب ان نعلم بانهم لا يريدون ذلك لأننا جميعا مجبرون على تعلم اللغة العربية على الرغم من كون اللغة الكوردية لغة رسمية في الدستور العراقي وهي موجودة في منهاج التعليم، ولكن ليس هناك من يتعلمها او يدرسها الا النزر اليسير من الاشخاص.
المشكلة تكمن في ان الكورد تعلموا اكثر مما ينبغي عن العراق وبغداد ويسمعون ويرون اكثر عنها، غير ان الطرف الاخر له معلومات قليلة وغير صحيحة، والذي تعلمه ورآه المواطنون المدنيون العرب في السنوات الاخيرة كان عن طريق الشركات السياحية حول الوضع الحقيقي لكوردستان وليس من المنظور السياسي والعسكري المفبرك الذي حرموا منه طوال تاريخ العراق.
وليس من العيب ان نقول انهم لا يعرفون شيئا عن جغرافية وديموغرافية كوردستان ومن الصعب ان يصدقوا بان ماضي هذه المنطقة كان مختلفا ويجب ان يتغير مستقبله. اكبر مشكلاتنا مع هذا البلد الكبير تكمن في ان المواطنين المدنيين العرب لا يعرفون لحد الان كم من الاتفاقيات قد ابرمت بين الكورد وبغداد وتخلت عنها الحكومة المركزية، ولا يعرفون كم مرة اصدرت بغداد اوامر بمهاجمة وتدمير كوردستان وبمقابل عدد قليل من الحوارات دخلوا في عملية الحل السلمي الذي يشكل المطلب الدائم للكورد لأنهم يؤمنون أنه لو الغي منهاج الجرائم الرسمية الحكومية وعقمت الأفكار الشوفينية لكان عراق اليوم خاليا من المأساة.
حسنا، عندما يعلمون ان لا قداسة لاي رقم عند الكورد والحديث عن 13 بالمائة او 17 بالمائة هي فقط احصاءات واعداد سياسية وحكومية ولا تشير ابدا الى اعداد الضحايا والمآسي ونسب الاضرار والخسائر، والتي كانت حصتنا منها الالاف والالاف بشريا ومادياً.
فعلى سبيل المثال في عام 1991 وفقط في القسم المحرر من كوردستان التي شهدت سياسة الارض المحروقة والانفال والجينوسايد؛ كنا اصحاب 5 الاف قرية مدمرة ومئات الالوف من الشهداء والمغيبين، وملايين من الناس الذين يعانون من شظف العيش، اي ان 90% من كوردستان كانت مخربة لا 13%، قرابة 20% شهداء ومصابون وسجناء ومغيبون، لا 13%، و50 % من الناس المشردين والنازحين داخليا وخارجيا لا 13%، ومع كل هذا بغداد ليست على استعداد لتحمل وزر لبنة مدمرة من بيت مخرّب، حسنا كل الاعمار الموجود في كوردستان آنذاك هو اقل من 15 بالمئة، و30 بالمئة من الأراضي الزراعية محتلة عسكريا، والغريب في هذا كلّه هناك من يتحدث عن اقلية واكثرية، ويتكلم عن الأخ الأكبر والاخ الأصغر، وفي احسن الأحوال وفي كل شيء يذكر للميزانية 13% وللهدم فهو مستعد مئة بالمئة.
طيب من يعوض هذه الخسائر بأجمعها، والذي لو خصصنا لها 20 سنة من أي جيل يأتي، فنحن وفق هذه الحسابات قد خسرنا خمسة أجيال مقدماً، وان أي انسان يصادرون 20 عاماً من حياته، ولو قدرنا بكل جيل ميلون شخص فإن خمسة ملايين من الكورد بالمحصلة قد سرق منهم جميعا قرن كامل، وخاصة الجيل الأخير لما قبل 2003 ضحى بـ7300 يوم، ولو قدرنا سعر كل يوم منها 10 آلاف دينار حاليا فإن المبلغ يكون 73000000000، وكيف هنا ومن سيعوض هذا كله؟ في وقت الخسائر هي بالمليارات والضحايا بالمئات الالاف، والجرائم بعقود من الزمن، ومع هذا كله فإن بغداد قد ختمت على هذا كله في 13% بشكل شفهي لا عملي.
وشعبنا مشبع بالاهداف والتطلعات بشكل يستطيع ان يعيد به بناء وطنه ببقايا صخور واشجار بيوته المدمرة بحيث يثير غيرة الكثير من الجهات، ومن يزور كوردستان يشهد بذلك، ولا احد في بغداد يتحدث عن انه منذ عام 2003 كان للكورد كيان سياسي وامني وحكومي وبرلماني خاص به الا انه دخل في تجربة بغداد بكامل ثقله.
هل يعلم المخططون في بغداد بان القرية الواحدة في الاقليم اذا كانت تحتوي على الاقل على 50 بيتا وقد تم تدمير 5 الاف قرية اي ما يعادل 25 الف بيت في حملة واحدة، فاذا كانت مساحة اي بيت بطابق واحد على الاقل 60 مترا مربعا فهذا يعني ان 1500000 (مليون ونصف المليون) متر مربع من مساحة كوردستان مدمرة ابديا! حسنا نحن لدينا قرى تم تدميرها واعيد بناؤها 13 مرة وقد مرت لحد الان 13 سنة ونحن نجري وراء الحقوق نفسها  التي نطالب بها منذ تأسيس الدولة العراقية، فكيف يتم حساب هذا الامر؟!
ولو ان تكلفة كل منزل نقدره بـ10 آلاف دولار، فإن محصلة حملة واحدة قد تبلغ مليارين ونصف المليار دولار امريكي، ولو فرضنا ان اية شجرة في غابات كوردستان لها مساحة مقدارها 10 امتار مربعة، فكم شجرة تم احراقها  بسبب سياسة الارض المحروقة التي بعرض 20 كلم وطول اكثر من 1000 كلم اي نحو 20 مليار متر مربع، إضافة الى الاف الدونمات من البساتين بمختلف المزروعات المثمرة، وغيرها، فكيف يتم احتساب هذه الاضرار ومن الذي يضمن تلك الخسارة؟!
انتم لا تعلمون بان كوردستان كانت معسكرا كبيرا وارضا مسيجة بالاسلاك الشائكة وعوضا عن الوف القرى المدمرة تم بناء عشرات المجمعات القسرية المسيجة بالاسلاك الشائكة والمحاصرة عسكريا وتمت ادارتها بأسوأ شكل، انتم لا تعلمون كم من الاشخاص تم نقلهم قسريا، كما انكم لا تعلمون كم كان عدد المعسكرات في كوردستان، ولكن كونوا على ثقة بان اكثر من نصف قوام الجيش العراقي كان متوزعا على مساحة هذا الاقليم الذي يضم 3 محافظات فقط وكان عدد المعسكرات والجنود الذين فيها دائما اكبر من عدد المشاريع الخدمية والناس المدنيين من غير الكورد.
انتم لا تعلمون كم من الاموال صرفت لتدمير كوردستان وافقار شعبها، ولكن كونوا على ثقة بان تلك الميزانية كانت خيالية وكانت على حساب جميع الشعب العراقي.
الاحصاءات تتحدث عن عدد الالغام المزروعة التي تقدر بالملايين ولو قدرناها على الاقل بعشرة ملايين لغم عندها نعلم ما مساحة الخطر لكل لغم منها؟! من اصغر انواع الالغام TS 50 التي تزن 90 غراما التي تقتل الانسان في شعاع 10 امتار وشعاعها الامن لا يقل عن 20 مترا، فلو فرضنا ان 4 ملايين لغم من هذا النوع تمت زراعتها في كوردستان فان مساحة الخطورة لا تقل عن 80 مليون متر وهي توزع موتا خفيا، او النوع الاخر الذي يدعى والمرا الذي يزن نحو 3 كلغم وشعاعها الامن هو 120 مترا على الاقل، واذا تمت زراعة مليوني لغم من هذا النوع فان الموت يزرع كما انه في 240 مليون متر مربع، وكم من الوقت والجهد يراد لتطهير هذه الأراضي من تلك الالغام.
وكم جيلا من كوردستان هم ضحايا ولا احد يتطرق اليهم وبغداد لا تتحدث عن الخسائر ولا تعوضها!! حسنا متى يعد التفنن في ابداع المآسي ابداعا انسانيا. اليوم ايضا لو ان بغداد ربطت اغلبيتها بالشرعية الديمقراطية وتعد الابادة الجماعية لاقليتنا فان ابداعات وتفنن الامس بالانفال الفكري والجسدي والارض والنار والحديد امور شرعية، ولا تستطيع بعد 13 سنة من غير ان تقوم بشن الحروب وارتكاب الجرائم، الا ان تقوم وبقرار سياسي بقطع قوت الاطفال الرضع والامهات والاباء الثكالى والعجزة والشَيَبة، فما يمكن ان نسمي هذا؟!، وهنا يتبادر سؤال آخر الى ذهني ان الميزانية المقطوعة عن الإقليم بما صرفت وعلى ما صرفت؟
الكورد يقولون ان اهم مميزات حكام بغداد يجب ان تكون التصرف بذكاء وعدالة، والثابت لدينا في الماضي القريب ان العراقيين اكثر الشعوب ادبا، الا انهم ابتلوا باكثر الحكام وقاحة وطيشا وهم من اكثر الناس سلاطة في اللسان، واليوم هناك العديد منهم لم يستطيعوا ولا يريدون التخلص من تلك العادات القبيحة والافكار المريضة والتصرفات المستنكرة التي يقومون من خلالها باثارة الشارع ضد كوردستان، فهؤلاء المسؤولون غير مسؤولين ولا يستطيعون ان يتسقوا مع الوضع الجديد وان يسيطروا على غضبهم وينزعوا عن قلوبهم الحقد والكراهية والشوفينية.
وقد اجلَّ الكورد وقادتهم مطالبهم المشروعة لسنوات طويلة لكي يصل العراق لساحل الامان والاستقرار، وتثبيت نظام ديمقراطي تعددي في الحكم، وهو المنطق الذي جعل من امواج غضب العالم العربي تجاه قضيتنا القومية هادئة الى حد ما وتكفير الكورد لا يسمع عنه الا في بعض الاماكن وفي خضم بعض الافكار الظلامية فقط.

المصدر-شفق نيوز