Kurdistan Democratic Party

Renewal  .  Justice  .  Coexistence


 

حكومة كوردستان والمصالح الوطنية العليا

سربست بامرني*

مع كثرة الاجتهادات حول مصطلح المصالح الوطنية العليا، تحوز موضوعة الحرية والاستقلال وحماية الوطن الاسبقية دون التقليل من قيمة قضايا حيوية أخرى كتشكيل الحكومة او التعليم او الصحة او تقديم الخدمات ...... الخ. والمتعارف عليه في تكوين المجتمعات الإنسانية وسبب تقدمها وتطورها هو الاجماع الوطني حول القضايا التي تحوز الأولوية نتيجة المرحلة والظروف الخاصة بها رغم الاختلاف في الاجتهادات والمنابع الفكرية، اذ لا محل للاجتهاد على سبيل المثال عندما يتعرض الوطن لخطر خارجي.

الحالة الكوردستانية ليست بمعزل عن هذه القواعد، فالدفاع عن الوطن وحماية المكتسبات التي حققتها حركة التحرر الوطني الكوردستاني ومواصلة الكفاح من اجل الحصول على كامل الحقوق القومية الديموقراطية المشروعة هي الأسس التي من المفروض ان تجمع القوى الوطنية حولها بغض النظر عن اتجاهاتها الفكرية وتمثيلها لهذه الشريحة الاجتماعية او تلك باعتبار هذه المهام هي من صلب المصالح الوطنية العليا في هذه المرحلة والطريق لتحقيق ما سبق يمر عبر تشكيل حكومة قوية قادرة على تحقيق ما يصبو اليه الشارع الكوردستاني من اهداف سياسية واقتصادية واجتماعية، ومن المفروض ان تتحد القوى السياسية الوطنية في هذه المرحلة لمواجهة استحقاقاتها حتى اذا كان ذلك يدعو الى تقديم بعض التنازلات هنا او هناك والتي عادة ما تصب في صالح الجهة التي قدمت التنازل على الصعيد الجماهيري.

الان وقد مر قرابة مائة يوم على اجراء الانتخابات النيابية الأخيرة ويتطلع الشارع الكوردستاني الى حكومة قوية متجانسة، ومع كل المواقف الإيجابية التي يتخذها الحزب الديموقراطي الكوردستاني صاحب الكتلة الرئيسة في البرلمان والحوار المسؤول الذي يجريه مع الأطراف السياسية الكوردستانية فان الاستمرار في وضع العراقيل والعقبات امام تشكيلها من قبل أي طرف يعتبر خروجا  عن الاجماع الوطني ويتعارض كليا مع المصالح الوطنية العليا خاصة ان اكثر ما يحتاجه المجتمع الكوردستاني اليوم هو حكومة قوية ملتزمة بالتنفيذ الصارم لبرنامجها.

ان محاولة ربط المشاركة في الحكومة بأجندات أخرى لا تخدم المواطن كما لا تخدم الأطراف التي تحاول اغراق المسألة في تفاصيل ملفات بعيدة كل البعد عن موضوعة تشكيل الحكومة او حصرها بعدد المناصب التي ترغب في الحصول عليها رغم نتائج الانتخابات التي تشكل الفيصل في حجم وطبيعة مشاركة أية قوة. 

اغلب الظن ان المجتمع الكوردستاني لن يسامح أي قوة سياسية تعرقل تشكيل الحكومة وفي حكم المؤكد ان هكذا جهة ستدفع ثمن ذلك في الانتخابات القادمة على الأقل خاصة ان مشاركة بعض القوى في الحكومة تعد فرصة لها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل ان تخرج كليا من مسرح الاحداث