Kurdistan Democratic Party

Renewal  .  Justice  .  Coexistence


 

16 اكتوبر مأساة أخرى تضاف الى مآسي الأنفال والحلبجه

جلال شيخ علي
بعيدا عن لغة الحوار الكفيلة بحل المشاكل الناجمة عن الاختلاف في الرؤى والقضايا سياسية ، لجأت الحكومة العراقية الى اتباع سياسة التهديد  و لي الأذرع كنهج لحل مشاكلها العالقة مع أقليم كوردستان في مقدمتها تطبيق المادة 140 الدستورية...
وعوضا عن الحوار والتفاهم أقدمت الحكومة الاتحادية على قطع حصة أقليم كوردستان من الموازنة العامة واتبعها بقطع رواتب موظفي الاقليم هذا ناهيك عن ابعاد الشخصيات الكوردية عن مناصبهم سيما ممن تبوأوا المناصب العليا اضافة الى ابعاد عدد كبير من الضباط  والمنتسبين ضمن السلك العسكري  وذلك في مخالفة صريحة للحكومة الاتحادية لمباديء تأسيس عراق ما بعد 2003  وفق أسس ومباديء  الشراكة والتوافق والتوازن بين المكونات...
في خِضَم ذلك أجتاح تنظيم داعش الأرهابي اراضي شاسعة في العراق ليعلن بعدها اقامة دولته المزعومة على مشارف اقليم كوردستان ليشكل تهديدا اضافيا على كيان الاقليم المحاصر ؟؟؟ 
ورغم مرور الاقليم بوضع اقتصادي صعب ناجم عن أجراءات حكومة بغداد المتزمتة ، الا أن كوردستان فتحت ابوابها لأكثر من مليوني نازح ومهجر أضطروا الى ترك مدنهم بسبب اخطاء ارتكبتها سلطات بغداد...
لم يثني قطع الموازنة والاخلال بمبدأ الشراكة وسائر الاجراءات الأخرى قوات بيشمركة  كوردستان من التصدي لأعتى وأشرس تنظيم ارهابي في العالم ونجح في حماية الاقليم ومدننا عدة منها كركوك...
إلا أن نجاح قوات بيشمركة كوردستان و أنتصارها هذه ، لم يَرُق للكثير من العنصريين ممن كانوا يتبوؤن السلطة في بغداد آنذاك ، الامر الذي قادهم الى خلق مشاكل أخرى مع الاقليم و وضع خطط خبيثة لضرب كيان اقليم كوردستان الدستوري بذريعة أجراءه الاستفتاء . 
على أرض الواقع وفي نية سيئة ومبيتة من بغداد تجاه الاقليم ، أرجأت حكومة  بغداد مسألة تحرير مدينة حويجة التي كانت تعد العاصمة الثانية لتنظيم داعش الارهابي رغم الخطر الذي كان يشكله على محافظة كركوك التي انقذها بيشمركة  كوردستان من خطر اجتياح التنظيم لها...
بعد مرور اكثر من ثلاث سنوات ورغم ما قدمه الاقليم من تضحيات في معركته ضد الارهاب ومشاركته في حماية العراقيين وايوائهم الا ان السياسة العدائية الممنهجة من قبل بغداد لم تتغير !! 
في السابع من حزيران 2017 عقد الرئيس مسعود بارزاني اجتماعاً مع كافة الاحزاب والحركات السياسية الكوردستانية ، حيث أكد خلاله عن موعد عقد استفتاء الاستقلال في يوم 25 أيلول من ذات العام
قبل الإستفتاء ، بسنوات عدة ، بدأ البعض من الطائفيين والعنصريين بشن حملات التحريض والكراهية ضد الكورد ، وبدأ اللجوء لخداع المواطنين العراقيين بأن الإقتتال مع الكورد أفضل لهم بكثير من التريث...
أما بعد الإستفتاء، فقد إنتقلت فكرة الإضرار المباشر بمصالح الكورد وإستهداف إقليم كوردستان، من مرحلة الأمنيات الى مرحلة التنفيذ وكسر الإرادات والصراع الدموي التي تزهق الأرواح رغم مخالفة ذلك للمادة التاسعة من الدستور العراقي التي نصت على ألا يكون الجيش أداة لقمع الشعب العراقي
وتزامنا مع ذلك فأن جهاتا عدة غيرت مواقفها و ظهرت على حقيقتها ، فأدارت ظهرها لشعب وحكومة الاقليم، وأخذت تبحث عن ورقة رابحة تحقق لها ما تطمح إليه، ومن تحت قبة البرلمان العراقي صدر ضد الكورد، في يوم واحد، أكثر من عشرة قرارات يندى لها الجبين وتحوّلت جهات اخرى الى ممارسة العداوات والتجاوزات العنيفة وفرض الحصار وضرب البنية التحتية لكوردستان، وبث الفتن لإرباك الأوضاع، وإعادة الإقليم الى المربع الأول...
وبعد أن تم تهيئة الأرضية الخصبة للعدوان على كوردستان من خلال اتفاق الحكومة العراقية آنذاك مع زمرة من خونة السادس عشر من اكتوبر ، تم إستهداف كركوك والكثير من المناطق الأخرى مرتكبين بذلك خيانة دنيئة بحق أماني وتطلعات شعب مظلوم ، تعرض لمؤامرة من فئة خائنة أستهانت بمئة عام من النضال والتضحيات، وإنتقصت بدماء الشهداء والبيشمركه البواسل الذين حموا كركوك والمناطق الكوردستانية الاخرى ، والذين كانوا يتصدون للإرهاب نيابة عن العالم ، وليعيد التاريخ نفسه بإسلوب ملتوي، وليضيف مآساة مروعة أخرى الى مأسي الأنفال وكارثة حلبجه والإبادات الجماعية...
الرئيس مسعود بارزاني قرأ الأحداث جيدا وأدرك أن احداث السادس عشر من اكتوبر لم تكن تستهدف مدينة كركوك كما اشيع انما كان الهدف اكبر واوسع بكثير تمثلت في هدم كيان الاقليم الدستوري والسيطرة على اربيل عاصمة الاقليم ومحافظة دهوك ، وبالتالي سلب الشرعية والصدارة عن أي دور لحكومة الإقليم وإفراغها من محتواها...
فكان قرار المقاومة وعدم الأنحناء بالأعتماد على عزيمة قوات البيشمركه وعقيدة الأيمان بالتضحية والنصر أو الشهادة من أجل قضية عادلة، فوقف المخلصين من أبناء شعب كوردستان  مع من يدافع عنهم
وبعد الاستعداد العسكري والنفسي، كسروا أنوف الحاقدين وأحرقوا آلياتهم المتطورة على مشارف مدن كوردستان فكان الاندحار من نصيب من أراد لكيان الأقليم الدمار والخراب ، وليسجلوا انتصارا  أعادت تقييم صورة البيشمركه وصورة المواطن الكوردستاني الذي يأبى الإنحناء أمام المؤامرات الخبيثة...وجاءت  الحركة الدبلوماسية لحكومة اقليم كوردستان برئاسة نيجيرفان بارزاني لتكمل انتصارات البيشمركة في ساحات القتال وتنجح في افشال المخططات التي كانت ترمي الى عزل الاقليم دوليا وانهاء دوره الاقليمي...
وليصبح السادس عشر من اكتوبر  بدايةً لانطلاقة جديدة تستدعي التوقف وتأمل المعايير والإشارات التي تعتمد على قوة العقل السياسي الجرىء في لحظات التحولات التاريخية الكبرى .