Kurdistan Democratic Party

Renewal  .  Justice  .  Coexistence


 

في ذكرى الابادة .. قمع مستمر وجرح لن يندمل!

 

خالدة خليل

تمر علينا اليوم ذكرى الجريمة البشعة التي ارتكبت بحق الكورد الايزيديين ، ولعلها من بين ابشع الجرائم التي مرّت بها البشرية، فقبل اربع سنوات وفي الساعات الأولى من صباح الثالث من شهر أغسطس/ آب 2014، بدأ الهجوم الهمجي على اهلنا المسالمين في سنجار، ليشهد القرن الحادي والعشرون، وتحت نظر وسمع العالم الذي يدّعي التحضّر، أسوأ مذبحة تعرض لها الكورد الايزيديون منذ مذابح "فرمانات" القرن التاسع عشر، والى هذه المذبحة التي تشكّل سلسلة في تاريخ الأوجاع والاضطهاد الذي لحق بِهم.

ولم يكن الايزيديون مستهدفين فيها كبشر فقط، لكنه الحقد الهمجي على تاريخ وحضارة وثقافة الكورد الايزيديين، الذين تعرضوا مراراً وعبر تاريخهم الطويل للابادات الجماعية بأسم القومية تارة و بأسم الدين تارة اخرى.

وعلى الرغم من ذلك فهذه الذكرى، رغم قسوتها وفاجعيتها لن تجعلنا مستسلمين لليأس او الاحباط، فلطالما كنا كطائر العنقاء الذي ينهض من رماده، ويحلق في الاعالي راسماً للاجيال طريق الأمل ومستنهضاً هممها من أجل الكفاح وحقها في الوجود والحياة ، لا سيما وان الابادة لم تزل قائمة وأجنداتها مستمرة فما يزال المختطفون والمختطفات أسرى أنياب داعش ومخالبه. وماتزال سنجار ساحة للصراع بين قوى إقليمية وغير إقليمية، وفضلا عن العامل النفسي فما تزال الابادة حاضرة بكل تفاصيلها المرعبة في ذاكرات الشيوخ والامهات والاطفال، مثلما ما تزال شواهد الدمار ماثلة للعيان، ومايزال مسلسل التعريب مستمراً لأرضنا وقرانا التي حرم علينا ملكيتها. وهو ما يستدعي ان يقف المجتمع الدولي امام مسؤولياته الانسانية ويبادر لاعادة بناء ما تهدّم من مدننا المنكوبة بكل المقاييس، مثلما من مسؤولياته ان يجعل الهدف الأول للعمليات المسلحة هو اطلاق سراح الذين ما زالوا في قبضة داعش، وخاصة آلاف النساء والأطفال وان لا يكتفي بالاعراب عن القلق او الشجب والاستنكار. أربع سنوات من الرعب والتنكيل والعرض بأسواق النخاسة، والاستعباد والقسر على تغيير الهوية والدين والعادات والتقاليد والنزوح تحت الخيم التي اهترأت من العذاب قبل ان تهتريء تحت الشمس الحارقة في قيظ الصيف وبرد الشتاء القارص، فأية ذاكرة تقدر على النسيان ومسلسل القصص المأساوية يستعرضنا كل يوم .وصبايانا الناجيات يغسلن لحظات العنف بدموعهن. قتلونا ولم يقاتلونا نحن العزل إلا من مبادئنا واحلامنا وآمالنا. وبالرغم من أننا كنا نحمل دائماً غصن زيتون أخضر أحرقوه بداعشيتهم الهمجية الا اننا نحاول ان نعيده الى الحياة كما كنا نسقي التين لكي نجففه ونصنع منه قلادة على عنق الزمن الذي كان سخياً معنا في تكرارا نكباته. واليوم اذ نقف في مواجهة هذا الحقد الدامي ضد الانسانية والإنسان، وندافع عن وجودنا بعد ان قدمنا نحن الكورد اكثر مما تقتضيه الشرعية الدولية من ادلة تتمثل في الإبادات والمجازر وطمس المعالم التاريخية لهذا الشعب الذي يمد يده للسلام بالرغم من كل النكبات التي حلت به على ايدي الاخر.

فللكورد جميعاً على اختلاف دياناتهم  تاريخ مشترك من الإبادات والظلم والقهر الذي يدعونا الى توحيد الجهود وتكثيفها من اجل مجابهة هذا الغول الهمجي والبحث عن تقرير لمصيرنا الضائع بين اروقة الدول التي تغمض عيناً وتفتح اخرى امام مصائب هذا الشعب ومطالبه المشروعة في الحرية والعدل والسلام. لن ننسَ الماضي لكننا نستلهم دروسه من اجل الغد وبعزيمة وإرادة قادرَين على خلق الحلول لمواجهة الظلام الذي يحاول ان يحجب شمس الحقيقة. ونمضي الى الغد حاملين معنا جرحاً لن يندمل، بل وسيبقى ندبة عميقة قومياً وانسانياً وتاريخياً.

ولطالما كان النصر مع الشعوب التي تبحث عن هويتها ووجودها بعيدا عن التهميش والاقصاء وفرض الأمر الواقع بقوة الحديد والدم.

فهذا هو الشعب الكوردي المناضل والمتكابر على اوجاعه، هذا الشعب الكوردي الذي ترك على كل صخرة من صخور كوردستان حكاية بطولة لا تُنسى، هذا الشعب الكوردي الموحد ارضا وشجرا وغيما وجبالا، سيبقى صامداً ملتزماً بقضيته، ويبقى علم كوردستان الموشوم بالشمس.. يرفرف عاليا كأسمى ما تكون رايات الحرية والاستقلال.