Kurdistan Democratic Party

Renewal  .  Justice  .  Coexistence


 

العراق والتقسيم الودي


سربست بامرني*
عندما طرحت قبل سنوات موضوعة التقسيم الودي للعراق بين مكوناته الرئيسة عاتبني العديد من الأصدقاء والزملاء الكتاب لا لطرح الفكرة فقط وانما لمجرد التفكير بالموضوع الذي اعتبروه من المحرمات والمقدسات التي ينبغي عدم المساس بها مع ان هذا الكيان الهش الذي اسسته المصالح الاستعمارية  في اعقاب الحرب العالمية الأولى كان ممزقا أصلا كما وصفه الملك فيصل الأول اول ملك للعراق المستحدث بانه شعب لا يجمعه جامع.
نعم كان لليسار العراقي وبعض القوى القومية التقدمية العربية والكوردية محاولات عديدة لإرساء قواعد دولة القانون والمواطنة واحترام حقوق مكونات العراق القومية والدينية على سبيل المثال لا الحصر الحزب الشيوعي العراقي والحركة العربية الاشتراكية والحزب الديموقراطي الكوردستاني الا انها اصطدمت في اول تجربة لها بعد سقوط النظام الدكتاتوري ووضع دستور للبلاد وإقرار النظام الاتحادي بتجاوز الدستور وتجميده فعليا واصبح النظام الاتحادي مجرد يافطة براقة مفرغة من محتواه الديموقراطي والإنساني ولصالح سيطرة الأحزاب والقوى الثيوقراطية والطائفية على مقاليد الحكم باسم المكون العربي الشيعي وقامت وفق برنامج طائفي وعنصري بإلغاء الشراكة في الوطن وفي صنع القرار المركزي عن طريق ابعاد المكون السني العربي وتهميشه ومن بعده ابعاد شعب كوردستان ثاني اكبر قومية رئيسة في البلاد وشن حرب عدوانية عنصرية ضده بالرغم من الدور البارز والاساسي للكورد في الدفاع عن العراق وحمايته من عصابات الإرهاب التي كانت قد وصلت الى مشارف العاصمة بغداد
هذه هي الوقائع اليوم على الأرض فلكل مكون همومه الخاصة به ومع تعدد الأسباب فالنتيجة لم ولن تتغير وهو ان العراق مقسم فعليا مع تعميق للخلافات والكراهية والعداء المستحكم بين الأعراق والديانات والطوائف وبالتالي فان كل الجهود التي بذلت وتكرس الان ومستقبلا لحماية هذه الوحدة القسرية وتأسيس دولة المواطنة كانت وستبقى فاشلة ولن تنتج الا المزيد من الدماء والدموع والدمار.
الحل الواقعي يكمن في ان يلتقي ممثلي المكونات الرئيسة الثلاث سواء تحت مظلة الأمم المتحدة او التحالف الدولي او الدول والمؤسسات العربية والإقليمية ذات العلاقة للوصول الى اتفاق تأريخي حول التقسيم الودي او حتى الاتفاق على اختيار النظام الكونفيدرالي وفق القوانين والأعراف الدولية والوثائق المتاحة وخبرة المختصين بتاريخ المنطقة وجغرافيتها وتوزع سكانها وسبق ان كتبت ان:
(التقسيم الودي سينهي والى الابد مشكلة الصراع المزمن والدموي الذي طبع المائة عاما الاخيرة بطابعها المأساوي منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة بحدودها الحالية وفقا لمصالح المستعمرين، وبدلا من ترك هذه المنازعات للاجيال المقبلة والتفريط بمقدرات الشعبين ومستقبلهما وما ستكلفه حالة العداء من ارواح واموال ستذهب هباء، سيؤسس التقسيم الودي لعلاقات انسانية جديدة عنوانها التعاون والتضامن والشراكة الحقيقية في بناء المستقبل الافضل.
التقسيم الودي سيفتح الابواب امام التعاون الحقيقي المثمر بين الشعبين بسبب التأريخ والثقافة شبه المشتركة والجوار الدائم كما سيتيح الفرصة لكل طرف ليتفرغ لمعالجة مشاكله وتحقيق مصالحه الوطنية وفق ما يراه مناسبا.
التقسيم الودي موقف حضاري وانساني ومتناغم تماما مع روح العصر والتطور الحاصل في احترام حقوق الانسان وسيعود بالتأكيد بالخير والرفاه للشعبين العربي والكوردي دون الحاجة الى إراقة المزيد من الدماء وتدمير الاقتصاد والبنى التحتية للمجتمعين ( مقالتي كوردستان والتقسيم الودي للعراق أكتوبر 2015 وأيضا في مقالتي خطورة وحدة العراق/ ايلاف 29/4/2013).

التقسيم الودي هو الحل العادل لضمان حقوق كل مكون وليتفرغ لبناء مجتمعه ومستقبله خاصة وان الاحداث والحياة اليومية وتغير الأنظمة خلال قرن من الزمان اثبتت فشل هذا الاتحاد القسري ولم يعد قادرا على الحياة الا على وقع دوي طبول الحرب والكوارث والقبور الجماعية ودمار البنى التحتية والالاف المؤلفة من الضحايا الأبرياء، ولن يغير الواقع أعلاه لا انقلاب عسكري يكرر ما قامت به الانقلابات العسكرية ولا ما يسمى بحكومة انقاذ وطني او حكومة مؤقتة فمن الذي سيكونها ....الخ، الطروحات غير الواقعية لإنقاذ الدولة التي وصفها اول رئيس لها الملك فيصل بان لا جامع يجمع شعبها .
في النهاية إذا لم نكن قادرين على العيش معا فلِمَ لا نحاول ان نكون جيرانا جيدين.... عسى ولعل
sbamarni14@outlook.com