Kurdistan Democratic Party

Renewal  .  Justice  .  Coexistence


 

العراق والعودة الى المربع الاول

 

*عبدالله جعفر كوفلي

قبل ان تبدأ عمليات تحرير العراق في شهر اذار عام 2003 على ارض الواقع وبشكل فعلي عقدت المعارضة العراقية في لندن ومصيف صلاح الدين باعتبار اقليم كوردستان منطلقا لبداية العملية، مؤتمرات عديدة تحت اشراف دولي أملاً في بناء عراق المستقبل وفق اسس ورؤى جديدة تستند الى الديمقراطية وحماية الحريات العامة بعدما ذاق الشعب العراقي مرارة الويلات والحروب وآثار الحصار الاقتصادي والنظام السياسي القابع على صدورهم وكاتم اصواتهم ولا ينطق لسانهم إلا (بالروح بالدم نفديك يا .............. )

بدأت العمليات وحررت العراق والجهود تبذل لتحقيق ما كان يصبو اليه الجميع من نشر الوعي المدني على اسس المواطنة بعيداً عن الطائفية المقيتة والمذهبية، ولكن المحاصصة في مجلس الحكم ونتائج الانتخابات التي جرت بعدها اظهرت بوضوح بأن الطائفية هي التي تحكم خاصة بعد حسم الخلاف حول الكتلة الاكبر في مجلس النواب لتنتهي بسيطرة التحالف الشيعي على زمام الامور بمشاركة التحالف الكوردستاني الذي اتخذ من القومية اساساً لانطلاقها في استلام الوزارات بعد تهميش سني وإبعاده عن لعب دوره في حكم العراق.

ونتيجة لهذا الاسلوب في الحكم شهد العراق انفلاتاً امنياً ولم يكن المواطن آمنا على حياته وماله في ظل تنامي العصابات والجماعات الارهابية التي اتخذت من الخطف والتفجيرات اسلوباً للتعبير عن وجودها، ناهيك عن الفساد المستشري في اعلى اروقة الحكم الى ادناه (حسب تقارير المنظمات الدولية المعنية) والتدخلات الدولية خاصة الامريكية والإيرانية تفعل فعلتها لتحقيق اجنداتها على حساب الشعب المسكين.

كان الامل معقوداً على الانتخابات المتتالية لمجلس النواب ومجالس المحافظات ليشهد العراق نوعا من الاستقرار الامني والسياسي، لكن سرعان ما كان يتبدد احلامه وتسقط آماله عند الاعلان عن النتائج الاولية والرسمية لها لأنها تظهر ان العراق ستحكمها النفس الطائفي للفترة القادمة وهكذا كانت.

قبل اجراء انتخابات 12/5/2018 كانت الانظار تتوجه بأنها ستكون نقطة التحول في التاريخ السياسي العراقي بعدما شهد من احداث مريرة خلال السنوات السابقة منها سيطرة داعش الارهابي على مناطق واسعة وتحرير هذه المناطق بمساعدة التحالف الدولي لمحاربة داعش وإجراء الاستفتاء الكوردستاني في 25/9/2017 وماتلته من احداث ومواقف دولية وإقليمية وداخلية وهجوم الجيش العراقي على مدينة كركوك والمناطق الاخرى، هذا التحول الذي كان يؤيده مراكز استطلاع الرأي الدولية بان العراق سيشهد انتخابات نوعية في تركيبة التحالفات القادمة في مجلس النواب، وان كل من هذه التحالفات ستكون مدنية مؤلفة من جميع اطياف الشعب العراقي من الشيعة والسنة و الكورد وهكذا كانت خلال الحملة الدعائية وبعد اعلان النتائج ايضاً، ولكن الايام التي تلتها شهدت اجتماعات ولقاءات مكثفة بين الكتل والأحزاب الفائزة لتأتي بوليد يفاجئ الجميع حيث المولود الجديد كالسابقين قد لبس الطائفية ليؤسس اكبر كتلة شيعية في البرلمان خاصة بعد تحالف كتلة السائرون والفتح اللذين كانا على ابعد مسافة في الرؤى والأهداف والارتباط والمواقف وبمباركة الاطراف الاخرى الايرانية والكوردية (البارتي والاتحاد)، ونصيب السنى كان التهميش ولا يزال يبحث عن ذاته ومنها يمكننا ان نصل الى الحقائق التالية:

    ان الناخب العراقي لا يتمكن عن طريق الانتخابات ان يغير من العقلية والمواقف المذهبية والطائفية وان كان يصوت ولكنه لا يتمكن ان يتحرر من بعض القيود.

    ان الاجندات الخارجية (الاقليمية - الدولية) لا تزال مؤثرة على القرار الداخلي العراقي وهكذا كان وان كان هذا التأثير يتفاوت بين حين وآخر.

    ان العقلية الحاكمة في العراق تمارس سلطاتها بدافع الانتقام من المكونات الاخرى باعتباره المظلوم طيلة الفترة السابقة.

وهكذا فإن التحالفات الحالية قد اعاد بالعراق الى المربع الاول اللهم ان لم تؤدي الاحداث الى تشكيل حكومة انقاذ وطنية لقيادة المرحلة وهي تلوح في الافق.

 

*ماجستير قانون دولي