Kurdistan Democratic Party

Renewal  .  Justice  .  Coexistence


 

الأستفتاء محاضرة كبرى القاها الشعب الكوردي على العالم بأسره

 

الدكتور بدرخان السندي

رغم انى احلم طوال حياتى بأشراقة الحبيبة  دولتنا الكوردية  بيد اني مؤخرا لم اعد احلم مثلما كنت، بل بدأت اشعر ان حلمي تحقق وان الدولة الكوردستانية قد تأسست فعلاً في صدورنا نحن الامة الكوردستانية منذ 25 ايلول الماضي وما باتت محض مشاعر او احلام، بل استحالت الى مبادئ واقعية رصينة.. ومن حلم الى حقيقة ماثلة في وجدان كل كوردي حتى تلك القلة من الأطفال( الكبار ) ممن تفلسفوا كثيراً قبيل الأستفتاء.. حتى المناوئين للأستفتاء انقسموا الى شطرين يوم الأستفتاء شطر ثار فيه عقله الباطن ووجدان السنين الماضيات من تاريخنا وعشقه لكوردستان الحبيبة وشعوره الغائر في اعماق روحه بالغدر الذي احاق بشعبنا الكوردي فحرمنا من ابسط حق انساني الا وهو السيادة وراحت تتراقص امام عينه حبال المشانق واختناقات اطفال حلبجه والأحياء المدفونين تحت تراب الأنفال، فهرع الى صندوق الأستفتاء يطهر الروح من قذارات السياسة والمصالح والنزعات الشللية الضيقة.. وشطر اخر يعانى من صدمة الأستفتاء ويحار جواباً ولايدرى ماذا يقول وهؤلاء قلة قليلة سرعان ما بان معدنهم وعفن منبتهم.

 

نعم كان الأستفتاء محاضرة رصينة كبرى القاها الشعب الكوردي على القاصي والداني وشد انتباه الشعوب ودولها شرقاً وغرباً وهز وجدان االأمم الى مأساة شعب مازال يرزح تحت سكينة كولونالية الحرب الأولى ومكائدها، لكن الأهم ان الأستفتاء الذي اصبح محاضرة كبرى للعالم في موضوع حق تقرير المصير الكوردي اشعل ضوءاً وهاجاً في الظلمه التي يعيشها للأسف المثقف والسياسي العراقي،  فما زالت ثقافة معظم العراقيين وحتى ساسته وسياسيي الصدفة ثقافة مدرسية بسيطة في التاريخ السياسي.. ثقافة الكتب المدرسية التي كتبتها الحكومات المتعاقبة وفقاً لمصالحها .. ثقافة طمس الحقائق وتشويه التاريخ .

 

و مازال المثقف العراقي يعتقد انه صاحب حضارة بابل و سومر واشور وينسى انه ضيف ثقيل على العراق ومهاجر قادم من الجزيرة العربية ولاعلاقة له بتلك الحضارات بل هو الذي دمر اثار وبقايا تلك الحضارات و قوانينها وما زال يدمرها ويضطهد متلذذا احفاد تلك الحضارات ويقصي بقيتهم الباقية عن وطنهم.

و مازال المثقفون العراقيون وساسة العراق يُسوِقون كذبة ان علاقة الكورد بالعرب تمتد الى الاف السنين في العراق لابل في (دولة) العراق ويصطدمون اليوم بصراحة الكورد في طلب الأنفصال ووضع حد لهذه العملية القيصرية لولادة دولة العراق قبل قرن من الزمان وأن العراق كدولة لايمتد تاريخه الى ماقبل الحرب العالمية الأولى حيث كان هذا الكائن المصنوع الذي نسميه دولة العراق اليوم عبارة عن ثلاث ولايات مستقله ولاية الموصل وهي كوردستان و ولاية بغداد وولاية البصرة وكل ولاية كانت تدفع ضرائبها الى الدولة العثمانية من خلال واليها الذي تعينه الأستانة .

و المحاضرة الكوردية التي القاها الكورد على العالم عبر هذا الأستفتاء انها جاءت تُذكّر العديد من الأنظمة السياسية في عالمنا هذا وكأني بها تقول للنظام الدولي انكم رغم ما تتمتعون به من حضارة و تقدم وديمقراطية وعدالة اجتماعية وقوانين وضعية متطورة ودساتير وبرلمانات عريقة لكنكم للأسف الشديد مازلتم تعانون من داء المصلحة على حساب القيم الأنسانية،  فانتم دول مصالح وليس دول اخلاق ومبادئ لا اقصد شعوبكم بل حكوماتكم.. انتم دول مجاملات دبلوماسية وليس دول مبادئ حقيقية رغم اني لا انكر قيمة وخطورة المصالح بين الدول، اما ان تكون على حساب طمس كينونة شعب او امة فهذا هو الاجرام بعينه ولا بد من خط فاصل بين السياسة والجناية.

ان رائحة النفط العراقي مازالت تتحكم في قراراتكم ومواقفكم وانا متأكد انكم اليوم تشعرون بالعار وانتم تتجاهلون حق الشعب الكوردستاني في ابداء رأيه بمصيره وتحاولون ان تغضون الطرف عن فداحة شذوذكم الديمقراطي ازاء قضية عادلة 100% .. لكننا متأكدون انكم سوف تعتذرون لهذا الشعب الذي يساهم اليوم في تعليمكم عبر محاضرته الأستفتائية التاريخية. ان السياسية التي وصفها ميكيافلي على انها علم الممكنات لانأخذ بها نحن الكورد لأن الأخذ بها على هذه الشاكلة معناه اننا اجزنا لأنفسنا نحن البشر ان يأكل بعضنا بعضاً.. اذن لماذا نستنكر اعمال هتلر وموسوليني وستالين وصدام حسين، هؤلاء اتبعوا الممكنات المتاحة في سياساتهم لفرض مصالحهم ونحن دعاة حق لا دعاة افتعال حروب ميكيافيلية.

ان (ميكافلي) الكورد يقول ان السياسة هي علم الممكنات على طاولة المبادئ الإنسانية، نعم الأستفتاء عصف عقليا ووجدانيا وسيعصف اكثر في مواقف ومسلمات السياسة العالمية وسنرى نتائج ذلك قريباً في تطورات المشهد الكوردي.. وهذه الأزدواجية السياسية المقيتة التي تعيشها اليوم امريكا و دول اوربا ازاء القضية الكورديه كتأكيدهم لكامل حقوق الكورد في تقرير مصيرهم من جهة واستنكارهم لإجراء استفتاء حول تقريرمصيرهم من جهة اخرى لن تبقَ ولايعقل ان تبقى وقديماً سخر العقل الكوردي من المواقف المزدوجة واطلق عليها اسم ( بانه ك و دوو هه وا ) في امثلته الشعبية اي سطح واحد يهب عليه نوعان من الرياح في ذات الوقت وهذا يتنافى مع المنطق، نعم الاستفتاء ونتائجه الدامغة محاضرة قيمة وصفعة معلم تأديبية اخجلت الدول الكبرى من مواقفها اللا اانسانية  رغم صمتها وبعض من الصمت اعتراف.

سيبقى موقف شعبنا الكوردي في الادلاء الاجماعي على تأسيس دولته الكوردستانية صفحة مشرفة في تاريخنا النضالي وسيبقى موقف الرئيس مسعود بارزاني في تبنيه واصراره على تطبيق الاستفتاء موقفا مبدئيا ليس لنا الا ان نحييه ونعترف انه دفع بالقضية الكوردية الى امام في الحسابات الستراتيجية والتاريخية.