Kurdistan Democratic Party

Renewal  .  Justice  .  Coexistence


 

المحكمة العراقية العليا ومعاداة شعب كوردستان!

سربست بامرني*

ليست المرة الأولى التي تصدر فيها المحكمة العراقية العليا احكاما اعتباطية جائرة ضد الشعب الكوردي دون سند دستوري او قانوني خاصة وان هذه المحكمة تشكلت قبل صدور الدستور العراقي عام 2005 الذي حدد في المادة 92 الفقرة الثانية تنظيم وتكوين المحكمة وطريقة اختيار أعضائها بقانون يسن بأغلبية ثلثي أعضاء البرلمان، الامر الذي لم يتحقق لحد الان، كما لم يتحقق الكثير من بنود الدستور وما بني على باطل فهو باطل.

القرار الجديد الذي أصدرته المحكمة بتاريخ 20/11/2017 بعدم دستورية استفتاء كوردستان وإلغاء كافة الاثار والنتائج المترتبة عليه، ليس فقط غير دستوري وغير قانوني ومسيّس بامتياز وانما يدل على استهانة كبيرة بحقوق الانسان وحرياته الأساسية وإرادة ثلاثة ملايين مواطن وجهل كبير بالطرق المتبعة في مثل هكذا حالات لإلغاء او إعادة التصويت او الاستفتاء، اذ لا يمكن بجرة قلم وبقرار مسيس الغاء صوت الملايين الكوردستانية التي مارست حريتها في تقرير مصيرها، ولابد من الرجوع الى رأي المواطن واخذ رايه فيما اذا اقتضت الضرورة وكان هناك مبرر دستوري وقانوني حقيقي وعادل وليس هناك في الدستور الاتحادي ما يمنع اجراء الاستفتاء، ناهيك عن ان الاتحاد العراقي قائم على الاختيار وليس القسر والجبر والاكراه.

قرار المحكمة يضمن أيضا (الغاء الاثار والنتائج المترتبة عليه كافة) فهل تملك المحكمة الموقرة شجاعة اصدار قرار يجبر الحكومة الاتحادية على سحب قواتها المسلحة والحشد الشعبي ومختلف المليشيات المدججة بالأسلحة الامريكية من أراضي كوردستان المغتصبة والمحتلة وتعيد قرابة (200) ألف مهجر الى مناطق سكناهم وتعوضهم عن الاضرار الفادحة التي لحقت بهم وبممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة، ناهيك عن محاسبة حكومة بغداد لزجها القوات المسلحة في النزاعات الداخلية عكس ما ورد في الدستور؟

الاستفتاء الشعبي العام في كوردستان أصبح صك الحرية الذي لا يسقط لا بالقرارات ولا بالتقادم، لا يمكن الغائه بقرار مسيس احادي الجانب وإعلان حكومة كوردستان عن احترامها لقرار المحكمة لا يعني قطعا تنازلها عن حقوق شعب كوردستان، كما لا يعني عدم احتفاظها بحق الاعتراض والرد والاستئناف حتى امام المحاكم الدولية المختصة، وانما هو تعبير عن شعورٍ عالٍ بالمسؤولية الوطنية لتهدئة الأوضاع وخلق المقدمات الضرورية للحوار والتفاوض والوصول الى حلول سلمية بعيدا عن العنف ودوي طبول الحرب الاهلية.

ان تمادي المحكمة والحكومة العراقية في الإجراءات التعسفية اللادستورية وفرض عقوبات جماعية على شعب كوردستان يؤكد ان كل ما يقال عن الاتحاد الاختياري والمواطنة والالتزام المزعوم بالدستور ليس الا ستار خادع لحقيقة التوجهات العنصرية والطائفية الرامية لاحتلال كوردستان واستعباد شعبها والطريق الى المصالحة الوطنية والحلول السلمية لا يمر عبر بوابة هكذا قرارات مسيّسة واحكام جائرة والتي تزيد من عزيمة وإصرار شعب كوردستان على مواصلة الكفاح من اجل الحرية رغم كل المصاعب ...فهل يتعظ حكام بغداد؟

sbamarni14@outlook.com