Kurdistan Democratic Party

Renewal  .  Justice  .  Coexistence


 

الاقليم السني... ضرورة وتداعيات

 

*عبدالله جعفر كوفلي

دولة العراق التي تأسست على أنقاض الحرب العالمية الاولى بمباركة الدول العظمى في سبيل مصالحها، و قد ارتبطت مكوناتها بمادة لاصقة نافذة المفعول لمدة محددة بحيث تنتهي هذه الدولة عند أنتهاء مدة نفاذها، وخاصة الشعب الكوردستاني الذي عدّه الدول كمادة لاصقة لبقاء الدول التي تقاسمتهم (تركيا وايران وسوريا والعراق)، وإن أي حركة أو انتفاضة او مجرد مطالبة من لدن هذا الشعب تعد بمثابة جريمة لا تغتفر، وخروجاً عن المبادئ الانسانية والقيم العليا، و مارست هذه الدول سياسة كبت الاصوات و لم تسمح بكل قواها أستئصالها من جذورها و نزع روح المقاومة من نفوسهم.

إن العراق بلد العجائب، فقد أسس نظامه السياسي بعد عام (2003) وفق النظام الاتحادي الفيدرالي في حين لم يكن هناك إلا إقليم كوردستان الذي سبق بناء العراق للنظام الفيدرالي بحوالي عشرة سنوات ، و حاول من في السلطة عدم تشكيل أقاليم أخرى بأساليب مختلفة ، بحيث كلما دعت محافظة الى إنشاء اقليم معين سارعت السلطات بتوسيع صلاحيات هيئاتها الادارية او تحمر عيونها و تطلق عبارات نارية و تبرز اوراق ضغطها، في حين منح الدستور العراقي لعام (2005) الحق للمحافظات بتشكيل الاقاليم وفق السياقات القانونية المعينة .

ومن عجائبها ايضاً وجود القضاء المسيس ، هذا القضاء الذي يعمل وفق مايشتهيه السياسيون، وقد فقدت حياديتها، فاليوم يصدر حكماً بالبراءة لشخص كان حتى البارحة ارهابياً ، و يصدر اوامر القبض لأشخاص لهم مناصب و دور كانوا قبل أيام  اوفياء و مخلصين وغيرها الكثير ، كل هذه الامور دفعت بالسنة بعد بناء قناعة لديهم بأن العيش في العراق في ظل هذا النظام بات مستحيلاً، ورغم الدعوات المتكررة سابقاً بضرورة انشاء اقليم سني خاص إلا أنه كان يقابل بالرد، وذلك لأن السنة كانوا يحتكرون زمام السلطة في العراق كلها طيلة العقود الثمانية الماضية، و تمسكوا بأن قوة العراق في وحدتها، ولكن كان نصيبهم الإقصاء و التهميش و السجون و النزوح والتدمير والقتل و ... الخ .

بعد ان  اجرى الشعب الكوردستاني استفتاءه لتقرير مصيره في (25/9/2017) ايقظ المكون السني من سباته الحالم بالعراق الواحد ليطالب بحقوقه المنتهكة طيلة الفترة السابقة لينادي بضرورة وجود اقليم سني، وعقدت المؤتمرات والاجتماعات المتتالية لرص صفوفهم المشتتة وأنهم سلكوا طريق الشعب الكوردستانى بالمطالبة بحقوقهم مع الفارق، وان الحكومة العراقية التزمت الصمت  ازاء هذا الاقليم ولكنه رافض عاجلاً أم آجلاً مثلما سبق، وان تأسيس الاقليم السني تدل على :-

-وصول المكون السني في العراق الى قناعة بأن العراق السابق بات ضرباً من الخيال وان من في السلطة هو الآمر الناهي و القوانين والتشريعات مجرد أداة بيد السلطات تفعل بها ما تشاء،  و ان العيش تحت سياط الدولة المركزية يكون نتائجها النزوح والمأسي والمعاناة والاقصاء و ...

-ان نشوء هذا الاقليم سيساهم في استقرار المنطقة بشكل واضح مثلها مثل أقليم كوردستان الذي بات عامل الاستقرار طيلة السنوات السابقة،  لانه سيكون هناك حكومة فيدرالية تحكم وتملئ الفراغ و تسد الابواب امام الجماعات الارهابية التي اتخذت هذه المناطق كحاضنة تنمو فيها و تتطور .

-بتشكيل هذا الاقليم سيعود العدد الهائل من النازحين و المهاجرين الى بيوتهم واراضيهم بعدما اضطرو ا للعيش في الصعاب من اجل الحفاظ على حياتهم و كرامة عوائلهم و يساهمون باشكال مختلفة في بناء اقليمهم .

- سيكونون جاراً حسناً لكوردستان و يبنى علاقاتهم على اساس الاحترام و الروابط الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المتبادلة وخاصة ان المكون السني يرتبط بعلاقات وثيقة مع الشعب الكوردستاني، بل هي متداخلة في مناطق متعددة ويقلل من ضغط الجوار على كوردستان  .

-     يساهم هذا الاقليم في التقليص من صلاحيات الحكومة الاتحادية وسلطاتها  .

-     يدفع نشوء هذا الاقليم الى انشاء اقاليم اخرى في العراق منها اقليم البصرة وغيرها من المحافظات الجنوبية .

- يساهم في زيادة دعم الدول السنية مثل السعودية والاردن والامارات الى الشعب العراقي و يكون عائقاً أمام المد الشيعي في المنطقة ذلك المشروع الذي يتبناه دولة ايران، وأخيراً سيكون البداية لنهاية العراق المتمسك بالمواد اللاصقة التي مر عليها الزمن . 

 

*ماجستير قانون دولي