Kurdistan Democratic Party

Renewal  .  Justice  .  Coexistence


 

الرئيس مسعود بارزاني و مسألة إستقلال كوردستان

 

الدکتور سامان سوراني

القيادة کعامل مهم من عوامل التماسك والتضامن والتنظيم في المجتمع هي ظاهرة إجتماعية منبثقة من وجود الفرد داخل الجماعة.

هذه الظاهرة کانت موضع إهتمام الفلاسفة والعلماء وخاصة علماء السوسيولوجيا والسيکولوجيا منذ زمن كونفوشيوس الصيني (551 ق. م - 479 ق. م) حتي عصر الفيلسوف البريطاني برتراند راسل (1872-1970) بهدف معرفة الصفات التي تميّز القادة من غيرهم من الناس.

وإذا أردنا أن نعرّف القيادة، نستنتج بأنه دور سلوکي لإسهامات الفرد والنسق الإجتماعي في تفاعلها الديناميکي. بکلام آخر، هي عملية التأثير في الناس في موقف معين، بل هي العملية التي من خلالها يؤثر القائد في سلوك أعضاء الجماعة بغية الوصول الي هدف معين.

اليوم يمرّ إقليم كوردستان بمنعطف مصيري هو الأهم في تاريخه حتى اللحظة، حيث يتم إجراء استفتاء شعبي بخصوص استقلاله بعد أسبوعين، أي في الخامس والعشرين من شهر سبتمر 2017 بهدف تشكيل دولة كوردستان المستقلّة، التي سوف تکون مصدر للإستقرار في المنطقة، بعد أن صار حق تقرير المصير للشعب الكوردستاني حتمية مطلقة.

إذن نحن اليوم أمام واقع تتحرك معطياته بوتائر متسارعة ولا يمكن التَّعامل مع الوقائع إلا بوقائع مماثلة. القائد مسعود بارزاني کرائد لموضوع الإستفتاء قرر بموضوعية تضمن رؤية ومصلحة شعب كوردستان، مع إيمانه بطموحات شعبه في الإستقلال وإدراکه العلاقات والإرتباطات بين الأشياء والوقائع، يستلخص العوامل البارزة من خبرات عقود من الکفاح المسلح والنضال الوطني للإنتفاع بها في إلقاء الضوء علي المشکلات الحاضرة، يؤکد في کافة لقاءاته مع کبار الدبلوماسيين الأجانب ووفود رفيعة للحکومات بإجراء عملية الإستفاء من أجل الإستقلال ولايهاب من المجاهرة أمام الملأ والإصرارعلي يوم الإستفاء لتحقيق الهدف الإنساني النبيل والأعلي، ألا وهو ضمان مستقبل شعبه في دولة حرة أبية.

رئيس الإقليم يحسن قرأة المجريات ويستثمر طاقته الفکرية بصورة مبتكرة وبناءة، غير متحيز لفئة أو جماعة أو جنس أو طبقة أو طائفة أو ناحية معينة ويسعي الي تدعيم الإتصالات الشخصية بين أفراد شعبه ليزيد من قوتهم ويوحد صفهم وصوتهم وتضامنهم وتماسکهم بغية الوصول الي الإجماع في الرأي حول القضايا المصيرية لإتخاذ قرارات تصب في مصلحة شعبه أو توصلە لتحقيق حلمه في بناء الدولة الکوردستانية.  لکنه مع هذا لم يدعي بأنه منقذ للبشرية، بل يعيش وسط الطبيعة الكوردستانية بوصفه جزءاً من موجوداتها.

الرئيس مسعود بارزاني تبني مشروع إستقلال الشعب الكوردستاني لأنە لا يريد لشعبه الرجوع الي المربع الأول، أي البقاء داخل تجربة فاشلة عاشها شعب كوردستان طوال قرن من الزمان مع حکومات بغداد المختلفة، تلك الحکومات القومية والدکتاتورية والشوفينية التي قتلت مايقارب ربع مليون كوردستاني من خلال تنفيذ حملات الإبادة الجماعية ضدهم، بدأً بالقصف الکيمياوي وقنابل النابالم وعمليات الأنفال ضد المدنيين العزل و إنتهاءاً بتدمير المدن والقصبات والقري الكوردستانية.  

لماذا الإستقلال، لأن الشعب الكوردستاني يريد أن يصنع واقعه ويحضر زمنه بحضور فعال ومزدهر. لقد تمکن هذا الشعب من خلال حکومته تقديم خدمات عظيمة للعالم والإنسانية جمعاء، منها ترسيخ مبدأ التّسامح الإنساني والأخلاقي وتعزيز فلسفة التعايش السلمي کصناعة مفهومية في كوردستان وتحفيز الحوار الثقافي المتحضر بين الطوائف والقوميات والاديان المختلفة وما إنتصار مقاتليه من الپێشمه‌رگة الغياري علي قوي الظلام أعداء الإنسانية من الإرهابيين إلا صفحة مشرقة في تاريخ هذا الشعب.

إن الإستقلال فرصة ثمينة يحررنا من وهم العراق الموحد والغول الديني، يسنح لنا الإنفتاح علي العالم المتحضر والديمقراطية الجذرية للوصول الي الأمن والإستقرار وبناء العيش الرغيد لمواطني كوردستان علي إختلاف أطيافهم وأجناسهم وحتي ثقافاتهم.

نريد هنا أن نقول للجزئية الصغيرة وأقـزام ونكرات ھذا الشعب، الذين يتناغمون مع البقاء في حاضنة العراق، إيقاف ھجومھم غير المبرر نھائيا على رئيس الإقليم، عليهم أن يعودوا لرشدھم ويختاروا مصلحة كوردستان على مصالحھم الخاصة، كما نتمني منھم العودة إلى حضن الوطن والأم كوردستان والوقوف بجانب رائد الإستقلال كي يواصل المسيرة الوطنية نحو اقامة دولة كوردستان الحبيبة.

وختاماً: "الإنسان الوسيط العددي أو الكوكبي أو المعولم والخالق هو من يتغير عما هو عليه لكي يحسن إدارة العلاقة بينه وبين سواه، علي سبيل الخلق والإبداع، وبلغة الحوار والمفاوضة والتسوية، أو بعلقية المشارکة الفعالة والمسؤولية المتبادلة. بعقله التواصلي ومنطقه التحويلي وحسه العملي يتجاوز نرجسيته المدمرة نحو الكوننة المسؤولة السمحة والمسالمة، بها يتصرف بوصفه مؤتمنا علي نفسه وعلي بني نوعه، مسؤولاً عن الطبيعة وكائناتها."