Kurdistan Democratic Party

Renewal  .  Justice  .  Coexistence


 

الكتل السياسية والمصالح العليا لكوردستان


سربست بامرني*
تلجأ مختلف البلدان والقوميات والشعوب الى اتخاذ الإجراءات اللازمة والضرورية لحماية مصالحها الوطنية العليا المتمثلة في تطلعاتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتأتي في مقدمة هذه المصالح حماية حريتها واستقلالها وحقها في تقرير مصيرها ومستقبلها واختيار النظام السياسي الضامن لهذه المصالح، ومن هنا فان الأولوية والاهمية القصوى لدى أي من هذه المجتمعات هو في تحقيق هذه المصالح والتصدي للأخطار التي تعترض مسيرتها لاسيما عند وجود خطر خارجي وعدوان محتمل رغم ما بين تكويناتها السياسية والاجتماعية من اختلافات وخلافات حول العديد من القضايا والتي لا يخلو منها أي مجتمع بشري.
المصالح العليا لشعب كوردستان في هذه المرحلة من تاريخه ومع كل التضحيات التي قدمتها حركة التحرر الوطني الكوردستاني تكمن في ضمان وتحقيق الحرية والاستقلال بعد تجربة مريرة لقرابة قرن من الزمان داخل الكيان العراقي المشوه والعدائي، لم تتحقق فيه أي من طموحاته الإنسانية والقومية الديموقراطية المشروعة حتى في الحالات التي اضطرت فيه الدولة العراقية على الاعتراف بجزء منها فقد استغلت اول فرصة سانحة للتراجع عنها وانتهاج سياساتها السابقة في التنكر للشعب الكوردستاني وحقوقه المشروعة وممارسة كل أنواع القمع والاضطهاد بما فيها تغيير الواقع القومي وحروب الابادة والمقابر الجماعية ( نصف مليون ضحية و4500 قرية مدمرة على سبيل المثال لا الحصر).
النظام الطائفي الذي استغل واقع اسقاط النظام الدكتاتوري وصعد على اكتاف الشعب العراقي والاتفاقيات التي لم يلتزم بها الى السلطة بالإضافة الى اغراقه البلاد في دوامة العنف الدموي والفساد الرهيب والتخلف الفكري والحضاري وبمجرد شعوره بالقوة نتيجة الدعم الإقليمي الطائفي المعروف كشر عن انيابه ومواقفه العنصرية الكريهة اعتبارا من الغائه العملي المتعمد للدستور ومنع تنفيذ بنوده (المادة 140) مرورا بفرض الحصار الاقتصادي وحرمان كوردستان من الميزانية العامة وإلغاء الشراكة في الحكم ......الخ وانتهاء بتحريك مجاميع مسلحة هنا وهناك ( ديالى، كركوك، نينوى، صلاح الدين) لتهديد المواطنين وارهابهم والعودة الى إجراءات النظام الدكتاتوري المقبور في تعريب المناطق الكوردستانية.
تجربة الشعب الكوردستاني مع النظام الحالي تؤكد مرة أخرى عدم جدوى كل المحاولات وعقم الاتفاقيات والعلاقات وحتى الدستور في لجم عقلية الاستعمار الاستيطاني المسيطرة على مراكز القرار في بغداد، الامر الذي يعني تهديدا حقيقيا وخطيرا لمستقبل شعب كوردستان ومصالحه الوطنية العليا، ويتطلب من كل القوى والكتل الوطنية السياسية في كوردستان وقفة جادة موحدة وحازمة في وجه هذا التهديد.
الأحزاب والكتل السياسية مسؤولة مباشرة وتاريخيا عن النتائج المترتبة على أي اهمال او تقصير في الاستعداد الكامل لمواجهة استحقاقات المرحلة ومن المفروض والمطلوب ان تتجاوز الاختلافات والخلافات الموجودة ومنح الأولوية القصوى لإنجاح عملية الاستفتاء والنتائج المترتبة عليه.
المفروض والمطلوب هو التمييز الواقعي بين ما هو مصيري وحاسم وبين ما هو (حاليا على الأقل) ترف فكري واغراق في مثالية غير واقعية، فالإصرار على اجندات وقضايا ثانوية لا يخدم شعب كوردستان وقضيته المركزية المتمثلة في الحرية والاستقلال وضمان مستقبله ومصالحه الوطنية العليا.
اللهم أنى قد بلغت، اللهم فاشهد
sbamarni@outlook.com