Kurdistan Democratic Party

Renewal  .  Justice  .  Coexistence


 

مأدبة السليمانية والطبخة المحترقة


عماد برهو*
بالتوازي مع الجولة الأوربية لرئيس إقليم كوردستان مسعود بارزاني والوفد الكوردستاني المرافق له، لاقناعهم بمشروعية اجراء الاستفتاء على استقلال كوردستان المزمع اجراءه في الـ 25 أيلول المقبل، وبالتوافق مع الضغوطات الايرانية والتركية وحكومة بغداد، ومن لف لفهم لمنع أو على الأقل تأجيل هذا الحلم الكوردي، دعت منظمة المؤتمر الوطني الكوردستاني KNK الأحزاب الكوردستانية المنضوية تحت إدارتها، أو القريبة منها، بالاضافة الى بعض الأحزاب التي تسعى لحجز مقعد لها على الساحة السياسية، للقاء تشاوري في مدينة السليمانية بإقليم كوردستان يومي 16- 17/ تموز 2017، بغياب الكثير من الأحزاب الكوردستانية في عموم أجزاء كوردستان.

هذا اللقاء التشاوري الذي مهد له KNK بتشكيل لجنة للتواصل مع الأحزاب الكوردستانية، والطلب منها المشاركة في ظل استمرار منظومة الـ PKK وجناحه السوري PYD بسياسة الاستفراد والإقصاء وفرض القوة والايدولوجية الحزبية على باقي الأحزاب، خاصة في كوردستان سوريا، واستمرارها باعتقال المناضلين السياسيين والنشطاء والإعلاميين، وإغلاق المقرات الحزبية، وفرض التجنيد الإجباري على الشباب الكورد للقتال خارج المناطق الكوردية، وجعلهم قرابين لحروبهم الدينكوشوتية التي لن تنتهي، وسياستهم البراغماتية غير القومية، والتي لا تخدم المصالح الكوردية، وتساهم بشكل أو بآخر في إفراغ المناطق الكوردية من الكورد، واحداث التغيير الديمغرافي لصالح باقي المكونات الأخرى.

بالعودة الى خلفيات اختيار هذا التوقيت لعقد مثل هكذا اجتماع تشاوري تحضيري لعقد (المؤتمر القومي الكوردي) بحسب زعمهم، إنما يهدف للتشويش على الاستحقاء الكوردستاني في إقليم كوردستان، الذي يسير بخطوات حثيثة نحو اجراء الاستفتاء على استقلال كوردستان، والنيل منه، بالإضافة الى المساهمة في زيادة الشرخ والتصدع في البيت الكوردي، خاصة في ظل تواجد وفد حكومي إيراني برئاسة القنصل الإيراني ولقاءه حزب الاتحاد الوطني في هولير، كذلك المظاهرة الاحتجاجية التي دعت اليها حركة التغيير (كوران) خلال زيارة الرئيس بارزاني الى بلجيكا، واطلاق الشعارات المضادة لاجراء الاستفتاء.

وللدخول أكثر في تفاصيل هذا اللقاء التشاوري بين هذه الأحزاب التي لبت الدعوة، والتي يجمعها هدف مشترك، وهو عرقلة مشروع الاستفتاء تحت حجج ومبررات عدة، هذا الاجتماع الذي استضافته إحدى القاعات الكبرى بمدينة السليمانية، والتي خلت من وجود العلم الكوردستاني (آلا رنكين) كمؤشر أولي على النيل من أبسط بديهيات التوافق الكوردي الكوردي، إضافة الى غياب الأحزاب الكوردستانية المؤثرة والمعنية بعقد المؤتمر القومي الكوردي، والمدافعين الحقيقيين عن القضية الكوردية في المحافل الدولية.

ليس بعيدا عن اجتماعات السليمانية التشاوري، وأمام باب القاعة تماما، تظاهر العشرات من اللاجئين الكورد السوريين المقيمين في مدينة السليمانية في خطوة (رمزية) للتعبير عن احتجاجهم من عقد هذا الاجتماع الحزبي بغياب الكثير من الأحزاب الكوردستانية، وايصال رسالة للمجتمعين بالداخل بضرورة كبح جماح حزب الاتحاد الديمقراطي PYD ومسلحيه، ووقف ممارساتهم الإرهابية تجاه أبناء شعبنا الكوردي في كوردستان سوريا وحركته السياسية، والكف عن سياسة الاعتقال والخطف والتهجير بحقهم، والعودة الى الحاضنة الكوردية الحقيقية، كذلك للتعبير عن تمسكهم بعلمهم الكوردستاني رمز كورديتهم، والحلم الذي يساور كل كوردي في العالم بتحقيق الدولة الكوردية التي يسعى الرئيس مسعود بارزاني والأحزاب الكوردستانية في الإقليم لتحقيقها عبر الاستفتاء المزمع اجراءه في الـ 25 من شهر أيلول المقبل.

أسدل الستار على هذا اللقاء التشاوري ببيان بعيد كل البعد عن روح الكوردايتي لا رائحة له ولا لون، اختصر نتائجه بموضوع الوحدة الوطنية الكوردستانية، ونسيان الكثير من الموضوعات الكوردستانية التي تهم الشعب الكوردي، ومنها: (دعم الاستفتاء، الاستقلال، وحدة الصف والموقف الكورديين، ...الخ ) لكن سرعان ما ظهر بطلان ما ادعوا واجتمعوا عليه، وبدأت بعض هذه الأحزاب المشاركة باصدار البيانات التي تندد وتتنصل من مخرجات هذا اللقاء، متهمة إياه باتباع سياسة التهميش والإقصاء، وعدم الأخذ برأي المشاركين، وجرى في إحدى هذه التجاوزات بأن جمعت كلمات أربعة أحزاب في كلمة واحد، كلف أحدهم بإلقاء الكلمة بالنيابة عن الآخرين دون أخذ رأيهم، أو التعبير عن مواقفهم- بحسب أحد هذه البيانات المنددة باللقاء، والتي اعتبرت نفسها غير معنية بالبيان الختامي للقاء التشاوري، أو أي قرار صادر عنه.

من كل ما ذكر سالفا، وعليه، فإن القائمين والداعين والداعمين لهذا اللقاء التشاوري أثبتوا للجميع بمن فيهم الأحزاب المشاركة في هذا الاجتماع بأن الغاية لم تكن التشاور فيما بينهم، بل ايصال رسالة ممن حضر مكونات هذه الطبخة التي سرعان ما فاحت منها رائحة الحرق قبل استوائها، كونها أعدت على عجل وفي غير بيئتها المناسبة.

*كاتب وصحفي كوردي- سوريا