هولێر-KDP.info-  في رسالة بمناسبة مرور مئة عام على اتفاقية سايكس بيكو، الرئيس بارزاني يؤكد بأن يجب الإعتراف بالواقع الحالي، مفهوم المواطنة لم يتبلور بعد، ولم يبق هناك حدود ومعنىً لسيادة الحدود، وسايكس بيكو قد انتهى. كما اعلن رئيس الإقليم، في الظرف الراهن هناك فرصة تاريخية امام كافة الأطراف لقطع دابر الكوارث والمآسي وعدم تكرار تجارب الماضي. كما يقول، حتى لو ارادت الأطراف السياسية التهرب من هذه الفرصة التاريخية بشتى الذرائع، فإن الشعب سيتخذ قراره وان قرار الشعب اقوى من اي قرار آخر، ونحن على ثقة بأن الشعب سيتخذ قراره.

نص رسالة الرئيس بارزاني في الذكرى المئوية لإتفاقية سايكس ـ بيكو:

يمر مئة عام على اتفاقية سايكس ـ بيكو. تلك الإتفاقية التي اصبحت السبب في تقسيم المنطقة بعد الحرب العالمية الأولى دون مراعاة رأي ساكنيها وشعوب المنطقة والطبيعة الديموغرافية للمنطقة، وجرى ظلم كبير على شعوب المنطقة وخاصة شعب كوردستان.
لقد كانت نتيجة هذه الإتفاقية بالدرجة الأولى على شعب كوردستان في إطار دولة العراق، كارثية. هذه الدولة التي بنيت على اساس الشراكة بين قوميتين رئيسيتين هما الكورد والعرب، لكن عملياً اهملت الشراكة الكوردية، ومورست ضد شعب كوردستان اكبر ظلم وجرت عليهم اكبر الكوارث والمآسي والإنكار على يد الحكومات والأنظمة المتعاقبة على الحكم في العراق. ان حصة الكورد من هذه الشراكة كانت انفلة اثني عشر الف شاب كوردي فيلي وثمانية آلآف بارزاني ومئة واثنين وثمانين الف مواطن كوردي من كرميان والمناطق الأخرى وقصف مدينة هلبجة بالسلاح الكيمياوي وهدم ومحو اكثر من اربعة آلاف وخمسمئة قرية وتسويتها بالأرض، وكذلك التعريب وفرض الحروب والخراب والدمار والإبادة الجماعية.
وبعد إنتفاضة عام 1991 اراد شعب كوردستان ان يفتح صفحة جديدة مع الدولة العراقية ولم يلجأ الى الإنتقام، لكن الحكومة العراقية استمرت في عنجهيتها وتجاوزاتها. وبعد 2003 وبعد انهيار نظام البعث سخر شعب كوردستان كل طاقاته وامكاناته من اجل إعادة بناء العراق على اساس الشراكة والديمقراطية والفدرالية وسخر كل امكاناته من اجل تحسين الوضع في العراق ولكي يتم صياغة الدستور وترسيخ الشراكة والتوافق. لكن عملياً لم يتم العمل بالدستور والحكومة العراقية تنصلت من إلتزاماتها ولم تلتزم بالشراكة وقطعت قوت شعب كوردستان ايضاً.
ان القتال والحروب وعدم الإستقرار والعنف والحرمان كلها كانت إفرازات تلك الإتفاقية التي فرضت التعايش ودمجت بين شعوب ومكونات المنطقة بالقوة وخاصة في العراق. ومنذ ذلك الحين لم ينعم شعوب كوردستان والعراق والمنطقة  بالسلام والإستقرار.
ان العراق مقسم الآن عملياً والطائفية تشكل خطوط هذا التقسيم، وداعش الغى الحدود في العراق وسوريا وكثير من الدول الأخرى ووضع ورسم حدوداً جديدة. ان شعب كوردستان ليس مسؤولاً بأي شكل من الأشكال عن الظروف الحالية التي يمر بها العراق، بل ان المسؤولية تقع على عاتق اولئك الذين قسموا المنطقة قبل مئة عام من الآن، وكذلك السياسات الخاطئة لحكام المنطقة وبغداد عندما ارادوا بقوة السلاح والظلم والإضطهاد فرض الإستقرار لكنهم لم ينجحوا.
وبعد مئة عام من التقسيم والمآسي اختبر شعب كوردستان كل الوسائل والطرق من اجل البقاء على العراق موحداً والبقاء على الدولة بالمعنى الحقيقي، دون جدوى.
اكون شاكراً وممتناً لو يأتي احد ويقول لنا ماذا يفعل شعب كوردستان اكثر من هذا، او ماذا كان عليه ان يفعل من اجل بقاء العراق موحداً؟ ومن اجل الحيلولة دون وقوع حروب اخرى وعدم الإستقرار ووقوع مآسي أخرى، يجب إعادة النظر في اتفاقية سايكس بيكو وذلك لأن شعب العراق لم يعد يتحمل المزيد من الحروب والخلافات والعنف. لايمكن الإصرار على إعادة اخطاء وكوارث مئة عام مضت، وعلى المجتمع الدولي والدول الإقليمية ان يفهموا بأنه يجب العودة الى طبيعة وإرادة ومطالب ورغبة جماهير مناطق العراق ومن ثم إقرار صيغة التعايش والمستقبل السياسي. اما بشأن مصير الشعب الكوردي في الأجزاء الأخرى فإن لكل جزء منها خصوصيته، ويجب معالجة القضية الكوردية في الأجزاء الأخرى سلمياً وعن طريق الحوار والتفاهم وحسب خصوصيات كل جزء. 
علينا الإعتراف بالواقع الحالي، مفهوم المواطنة لم يتبلور بعد، ولم يبق هناك حدود ومعنىً لسيادة الحدود وسايكس بيكو قد انتهى، لذا وكمسؤولية تاريخية على الدول والمجتمع الدولي بدل الإصرار على الإستمرار في إيذاء الشعب العراقي،  التفكير في ايجاد حل واقعي وحقيقي للعراق والمنطقة وإلاّ ستستمر الحروب والكوارث والمآسي وسيقع الأمن والإستقرار الدولي أيضاً في خطر.
ان هناك فرصة تاريخية امام الجميع في هذه الظروف العصيبة  للوقوف بوجه العقبات والحيلولة دون تكرار تلك المآسي والكوارث وعدم تكرا التجارب السابقة.
في الذكرى المئوية لإتفاقية سايكس ـ بيكو اطالب ببدء حوار جدي بين الإقليم وبغداد من اجل الوصول الى علاج جديد، فإن لم تنجح الشراكة فلنكن اصدقاء وجيران جيدين. وإن ارادت الأطراف السياسية التهرب من المسؤولية في هذه الفرصة التاريخية بذرائع وحجج شتى، فإن الشعب سيتخذ قراره وقرار الشعب اقوى واكثر شرعية من كل القرارات الأخرى، وانا على ثقة بأن الشعب سيتخذ قراره.