تركيا تملّصت من الحلف الدولي ضد داعش. لماذا لا تكون لنا قاعدة في كوردستان؟
السفير فرانسس ريكاردون
عندما أعلن وزير الدفاع الامريكي تشاك هيجل، قبل عشرة ايام عن نية الولايات المتحدة الامريكية في تأسيس و تشكيل تحالف دولي رئيسي من عشر دول، في إطار الجهود الحثيثة التي تبذل حالياً لتدمير داعش، صرّحت بريطانيا، بأنها لن تقوم بضربات جوية ضد داعش على الاراضي السورية، كما وأوضحت المانيا، انها قد لا تستخدم اي نوع من القوة وسوف تكتفي بالمساعدات التسليحية واللوجستية والانسانية. أما تركيا، فقد نأت بنفسها عن الموضوع كلياً. بل وذهب التنازل او التخلي التركي عن حلفائها، درجة أبعد من البريطانيين والالمان، عندما أعلنت، انها لن تلجأ فقط الى استخدام القوة العسكرية ضد داعش فقط، وإنما سوف لن تسمح أيضاَ للامريكان وحلفائهم بإستخدام قاعدة انجرليك التركية والتي تبعد حوالي 100 ميل من الحدود السورية، لتوجيه صربات جوية منها ضد الارهابيين من الدواعش. وهذا سوف يعقّد ويصعّب من التحديات اللوجستية والاستكشافية للبنتاغون وخاصةً في مهمةٍ قد تستغرق سنوات.
وما لاشك فيه، هو ان القوات الامريكية سوف تجد لها مجالات اخرى لشنّ الضربات الجوية في حملتها ضد داعش كما فعلت في عام 2003، عندما رفضت تركيا وقتها ايضاً، ان تقوم قوات التحالف الدولي بشنّ غارات جوية للاطاحة بنظام صدام حسين. تركيا تشترك بـ750 ميلا من الحدود مع العراق وسوريا، وهذا الطول من الحدود، يمكنها ان تشارك في الحملة ضد داعش بشكل فعال ومؤثر وليس فقط بشكل رمزي كما تنوي ان تفعل الان.
ومما يزيد من غموض وصعوبة الموضوع، هو كون تركيا لا تزال عضوا في حلف الناتو، على الرغم من انها قد توقفت عن التصرف والتعامل مع الناتو كحليف او مع الغرب كصديق منذ أمدٍ بعيد.
السفير الامريكي السابق في تركيا، السيد فرانسس ريكاردون، صرّح في الاسبوع الماضي، بأن الحكومة التركية تعمل بشكل واضح وصريح مع جبهة النصرة وهي من حلفاء القاعدة في سوريا وكذلك مع المجاميع الارهابية الاخرى. كما ان الارهابيين الاجانب يستخدمون تركيا كنقطة عبور في طريقهم الى سوريا والعراق.
هذه التصرفات والاعمال التي تقوم بها حكومة رجب طيب اردوغان، إضافةً الى سجل علاقاتها الطويل مع حماس والاخوان المسلمون في مصر، توضح، سبب الاعتذارات التي تسوّغها لعدم الانضمام الى التحالف الدولي الجديد.
تتذرّع تركيا برهائنها لدى داعش ولكنها ليست الدولة الوحيدة التي لها رهائن عندهم. كما تتحجج، بمخاوفها من وصول الاسلحة التي سترسلها قوات التحالف الى معارضي داعش، إلى أيدي حزب العمال الكوردستاني، ولكن هذه الحجة ايضاً لا تبرّر اقفال قاعدة انجرليك بوجه طائرات الناتو والتحالف الدولي.
الاستنتاج الذي لا مفرّ منه، هو ان على امريكا ان تبحث لها عن حليف أفضل في المنطقة تثق به لمحاربة داعش.
الحلفاء العرب التقليديون مثل السعودية، أثبتوا ايضاً، أنهم شركاء مترددون، كما ان الامريكان لا يعرفون مدى المشاركة التي سوف تقوم بها الحكومة العراقية الجديدة قبل ان تعيد تجميع و ترتيب جيشها. ولهذه الاسباب، فإن الرهان الافضل هم الكورد، الذين هم الاكثر تحشداً على خطوط القتال مع داعش الان والاكثر استعداداً لارسال قواتهم الى ارض المعركة.
انجرليك كانت بمثابة البيت للقوات الامريكية منذ اكثر من ستين عاماً، ولكن الوقت قد حان للتفكير بإستبدالها بقاعدة اخرى على ارض اقليم كوردستان العراق. أمريكا الان، لم يعد لها أصدقاء في تركيا، ولكن هذا لا يعني أنها غير قادرة على ايجاد حلفاء جدد لها في الشرق الاوسط.
صحيفة وال ستريت جورنال
ترجمة: عبدالله جاسم ريكاني