جواد ملكشاهي

الاستفتاء الذي تم اجراؤه في اقليم كوردستان والمناطق المشمولة بالمادة 140 في العام الماضي واجه ضغوطات وتحديات كبيرة قبيل اجرائه وبعده من قبل بعض القوى السياسية العراقية والاقليمية وحتى الدولية ضنا منهم انه بمجرد اجراء الاستفتاء ستعلن الدولة الكوردية في قلب الشرق الاوسط، وسوف يحدث تسونامي ويدمر المنطقة بدولها وشعوبها، في حين الاستفتاء هو ممارسة ديمقراطية حضارية لأخذ رأي الشعب في اي مشروع سياسي او اقتصادي او حتى عمراني وكسب تفويض جماهيري لإجراء ذلك المشروع.

بناء على تلك الفكرة الخاطئة والعقلية المتخلفة شرعت القوى السياسية الداخلية والاقليمة والدولية برغم كل خلافاتها واختلافاتها وتناقضاتها بتشكيل جبهة كبيرة وقوية وموحدة للوقوف بوجه التسونامي القادم من صناديق استفتاء شعب كوردستان والحيلولة بكل السبل من دون اجرائه لإيقاف زحف شعب كوردستان وآلته الجرارة نحو نسف دول المنطقة بحسب اعتقادهم الخاطئ.

مع تشكيل الجبهة المتحدة الداخلية والاقليمية والدولية ضد مشروع الاستفتاء بدأت الضغوطات والتهديدات تنهال على شعب وقيادة الاقليم عبر اصدارالبيانات واطلاق التصريحات حتى وصلت الى مستوى الوعيد والتهديد المباشر وغير المباشر، لكن كل تلك الضغوط لم تثن شعب كوردستان وقيادته وحامل لواء مشروع الاستفتاء الرئيس مسعود بارزاني على المضي في مشروعهم القومي والوطني والاصرار على اجرائه في الموعد المقرر.

بعد يأس القوى المعادية لشعب كوردستان من اقناع قيادة وشعب كوردستان واجراء الاستفتاء في موعده المقرر، بدأت الهجمة العسكرية الشاملة على المناطق المشمولة بالمادة 140بالتعاون مع خونة 16 اكتوبر فضلا على الحصار الاقتصادي وانتهاء بهجوم القوات الحكومية على مناطق اقليم كوردستان بهدف احتلال اربيل والقضاء بشكل نهائي على كيان اقليم كوردستان و وضع نهاية ولو مؤقتة للحلم الكوردي بتشكيل دولته المستقلة، لكن صمود وصلابة قوات الپێشمه‌رگة في ملحمة بردي وسحيلا ومناطق اخرى تمكنت من ايقاف الالة العسكرية الجرارة بالتقدم نحو اربيل العاصمة وتغيير المعادلة برمتها.

هناك من يعتقد بان الاستفتاء فشل في تحقيق اهدافه بسبب التداعيات التي رافقت اجرائه من حصار وحرب مدمرة، لكن مانشهده اليوم تثبت عكس ذلك تماما وان الاستفتاء حقق اهدافه الآنية والمستقبلية واصبح ورقة قوية بيد الشعب الكوردي ليستخدمها في الظرف المناسب، واكبردليل على نجاح الاستفتاء هو الهاجس والخوف التي تبديها عين القوى التي وقفت بالضد منه.

خلال الايام الماضية ومع اقتراب التوقيتات الدستورية لاختيار رئيس جمهورية العراق وبروز خلافات كوردية بشأن كيفية اختيارالشخصيات المرشحة للمنصب، نرى ان القوى المنضوية في الكتلتين المتصارعتين على منصب رئيس الحكومة المقبلة وبمختلف توجهاتها تحاول ان تختار من بين المرشحين الكورد الشخصية التي وقفت بالضد من الاستفتاء، وقد اعلن نواب من الكتلتين وعلى شاشات التلفاز وبشكل صريح انها تميل الى اختيار شخصية كوردية تؤمن بوحدة العراق وكان لها موقف معادي لمشروع الاستفتاء وان دلت تلك التصريحات والمواقف على شيء انما تدل على ان الاستفتاء اصاب اهدافه المرحلية والمستقبلة بدقة وان الجبهة المعادية لطموحات الشعب الكوردي لازالت قائمة برغم كل خلافاتها وصراعاتها.

هنا يمكن الجزم ان احد الشروط الاساسية لأختيار رئيس جمهورية العراق حسب نهج غالبية القوى السياسية العراقية هو ان يكون المرشح من رافضي الاستفتاء وان يوقع على عدم تأييده ودعمه لتحقيق حلم شعب كوردستان في بناء كيانه المستقل.